لطفي الفارحي – كوسموس ميديا
تعتبر الحشرة القرمزية آفة تهدد ثروات التين الشوكي حول العالم وفي تونس على وجه الخصوص ومن خلال ركن الصحة النباتية سنتعرف اليوم على كل الأسرار المحيطة بهذه الآفة إلى جانب طرق الوقاية منها ومكافحتها.
يلعب التين الشوكي أو ما يعرف في تونس بـ”الهندي”، دورا كبيرا في مقاومة التصحر والمحافظة على التنوع البيولوجي، كما يُستعمل في عدة مجالات كغذاء للإنسان أو كمصدر أعلاف للحيوانات أو لتصنيع منتجات علاجية وأخرى تجميلية، ولكنه يواجه في السنوات الأخيرة خطر الحشرة القرمزية.
فماهي الحشرة القرمزية؟ وأين تكمن خطورتها؟ وكيف يمكن التصدي لها؟.
1- تعريفها:
الحشرة القشرية القرمزية (Dactylopius opuntua) من الآفات الخطيرة بالنسبة لغراسات التين الشوكي، تتواجد حاليا في قليل من مناطق العالم إلا أن اكتشافها أول مرة كان في المغرب سنة 2014 وتم رصدها بمدينة تلمسان الجزائرية في شهر جويلية 2021.
وتلحق هذه الافة أضرارا بليغة بنبات التين الشوكي لكونها تمتص نسغ أو عصارة النبتة فتظهر على الألواح مناطق مصفرة تتسع شيئا فشيئا لتؤدي في النهاية إلى سقوط اللوح المصاب وموت الجذع في حالة شدة الإصابة.
وتنتشر هذه الآفة بسرعة كبيرة إذ تقوم الريح بحملها من مكان إلى آخر، كما يمكن أن تنتقل هذه الحشرات عبر التصاقها بالآلات الفلاحية والشاحنات وصوف الأغنام والأعلاف القادمة من المناطق الموبوءة.
2- طريقة الإصابة:
تصيب الحشرة القرمزية، التين الشوكي على مستوى سطح الألواح، عادة في شكل مستوطنات متفرقة ومختلفة الأحجام، مستقرة حول المنطقة السفلى للشوك. وتتسبب في الأضرار دائما الأنثى واليرقات التي تبدو أجسامها بيضاوية أو مستديرة الشكل، ذات لون أرجواني داكن يتحول إلى أحمر فاتح حين يتم سحقها، وهذا اللون الأخير هو لون مادة القرمز (carmin) التي تتميز به الحشرة. أما الذّكر فلا يتسبب في أي أضرار.
وتفرز الأنثى واليرقات خيوطا شمعية بيضاء تحميها كغطاء وتمكنها من التنقل من لوح إلى لوح. وعند الإصابة، تظهر على الألواح مناطق مصفرة تتسع شيئا فشيئا وتؤدي في النهاية إلى سقوط اللوح المصاب وموت الجذع وإلى 100% من الخسائر في حالة الإصابة الشديدة.
كما أن التغيرات المناخية تلعب دورا كبيرا في انتشار الحشرة القرمزية، حيث تتكاثر بشكل كبير خاصة خلال ارتفاع درجات الحرارة.
في المقابل هذه الحشرة لا تؤثر إلا على غراسات التين الشوكي ولا تسبب أي ضرر لبقية الأشجار أو الزياتين.
3- جهود المكافحة:
مكافحة الحشرة القرمزية عملية شاقة نظرا إلى صعوبة الولوج داخل مزارع التين الشوكي التي عادة ما تتواجد في أراضي هامشية غير منبسطة وتمتد على مساحات شاسعة. وحسب تجربة المغرب الأقصى الحالية بإحاطة ودعم من منظمة الأغدية والزراعة (الفاو)، تعتمد هذه المكافحة مبدئيا على الطريقة الكيميائية في انتظار تطوير طرق أخرى بيولوجية وزراعية والبحث على أصناف مقاومة أو على الأقل متحملة للآفة.
أما في تونس هناك جهود كبيرة تبذلها الدولة التونسية لمكافحة هذه الحشرة، من خلال طرق أولية، منها التنبيه على الفلاحين بالتلبيغ عن أي بؤرة تعرضت للإصابة، وتنظيم حملات تقصي للبحث عن أي إصابات وعزل المناطق المصابة.
إضافة الى ذلك فإن الوزارة في طور البحث عن حلول جديدة لمكافحة هذه الحشرة، سواء باعتماد الوسائل الكيميائية أو الحشرة المضادة (الدعسوقة) والتي سيتم إكثارها بدعم من منظمة الأغذية والزراعة، إذ تعتبر تجربة ناجحة للقضاء على الحشرة القرمزية وقد تم اعتمادها بالمغرب والمكسيك.