فتحية خذير – كوسموس ميديا
أصدرت المحكمة الابتدائية بصفاقس 2، أحكاما تراوحت بين 8 أشهر إلى سنتين سجنا ضد 38 شابا من نشطاء حراك “مانيش مصب” بمدينة عقارب من ولاية صفاقس.
ويواجه هؤلاء النشطاء، حسب ما أكّدته منسقة قسم العدالة البيئية بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية إيناس لبيض لكوسموس ميديا، عددا من التهم من بينها “التهديد وتعطيل حرية العمل والإضرار عمدا بملك الغير” وهي تهم تمت إثارتها منذ سنة 2021 من قبل مجمع أبو الوليد وشركة إيكوتي ضد نشطاء الحراك من خلال 5 قضايا مختلفة.
الأحكام التي اعتبرها نشطاء حراك مانيش مصب قاسية وفيها نوع من التشفي، أكدت لبيض أنه تم طلب استئنافها، مشيرة إلى أن المنتدى نسق مع مجموعة من المحامين لتشكيل هيئة دفاع للترافع باسم النشطاء يوم الجلسة الاستئنافية التي لم يتعين بعدُ تاريخها.
وللإشارة فقد أدان المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أحكام السجن في حق نشطاء البيئة في مدينة عقارب واعتبرها احكاما صادمة وتخفي الرغبة الواضحة لإخضاع مواطني عقارب للقبول بالحلول الفوقية للأزمة البيئية في المدينة .
وتعود خلفيّة هذه الأحكام إلى الحراك المدني البيئي الذي عرفته مدينة عقارب على إثر غلق المصب الجهوي للنفايات بالمنطقة “مصب القنة” من قبل الوكالة الوطنية للتصرّف في النفايات نتيجة انتهاء مدّة صلوحيّته منذ سنة 2013، وقد صدر قرار غلقه عن محكمة الناحية بتاريخ جويلية 2019، ووقع تنُفّيذ قرار الإغلاق الكلي لمصب عقارب يوم 27 سبتمبر 2021.
بدأت أزمة مصب القنة منذ أن قدّم حراك “مانيش مصب” شكاوى قضائيّة عدّة تطالب بغلق المصب منذ سنة 2016، وفي سبتمبر 2019، توسّعت الحركة وانخرط فيها عدد كبير من سكان مدينة عقارب على إثر وفاة الشابة “أمل بن إبراهيم” نتيجة عدوى بكتيرية نقلتها لها لسعة بعوضة.
وفي شهر أوت 2020، اندلعت اشتباكات بين الأمن وسكّان مدينة عقارب على إثر منع وصول شاحنات النفايات إلى المصب لمدّة تجاوزت عشرة أيام.
وبعد سنة من هذه الأحداث وفي شهر أوت 2021، أعلنت الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات أن مصب القنّة قد استوفى طاقة استيعابه القصوى فقررت غلقه. لكن انطلقت بعد أيام معدودة أشغال حفر خانة جديدة لمواصلة ردم النفايات وتكلفت الأشغال 1.8 مليون دينار .
وفي 8 نوفمبر 2021، وعلى إثر إعلان وزيرة البيئة ليلى الشيخاوي عن إعادة فتح مصب عقارب اندلعت احتجاجات شعبيّة كبيرة دامت لمدّة أسبوع كامل وأدت إلى مواجهات مباشرة بين سكان مدينة عقارب وقوات الأمن التونسي بعد أن انطلقت أشغال توسعة مصب القنّة وإعادة فتحه أمام شاحنات النفايات.
وأدّى هذا الحراك الشعبي إلى وفاة مواطن من مدينة عقارب نتيجة اختناقه بالغاز المسيل للدموع كما أكّدت ذلك عائلته إلا أن رواية وزارة الداخليّة آنذاك قد فنّدت هذه المعلومة واعتبرت أن المدعو عبد الرزاق لشهب، البالغ من العمر 35 عاما، قد توفي “بسبب إصابته بتوعك صحي طارئ في منزله”. كما تم آنذاك إحالة العشرات من الشباب المحتجين في 5 قضايا مختلفة بتهم متعدد لتصدر ضدهم منذ أيام قليلة أحكام تراوحت بين 8 أشهر إلى سنتين سجنا.