سليديرمقالات

إطلاق شبكة المرأة العاملة في قطاع الطاقة في تونس: قصة تمكين وتغيير

قرطاج، تونس – في أجواء من الحماس والتفاؤل، شهد بيت الحكمة بقرطاج يوم 26 فيفري 2025، إطلاقًا رسميًا لشبكة المرأة العاملة في قطاع الطاقة في تونس (TWNET). هذا الحدث، الذي أقيم بالشراكة بين وزارة الصناعة والمناجم والطاقة والمؤسسة الألمانية للتعاون التنموي (GIZ)، يمثل علامة فارقة في مسيرة تعزيز دور المرأة في قطاع حيوي يشهد تحولات هيكلية متسارعة.

وفي قطاع يهيمن عليه الرجال تقليديًا، تثبت المرأة التونسية حضورها وتأثيرها المتزايد في قطاع الطاقة، رغم التحديات التي تواجهها. من مهندسات الطاقة المتجددة إلى رائدات الأعمال في مجال كفاءة الطاقة، تلعب المرأة دورًا حيويًا في تشكيل مستقبل الطاقة في تونس.

ومع تعاقب التجارب اصبحت البصمة النسائية بارزة في قطاع الطاقة المتجددة، اذ تشهد تونس ارتفاعًا ملحوظًا في عدد المهندسات والمختصات اللاتي يخترن مجال الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. هذا التوجه يعكس الاهتمام المتزايد بمصادر الطاقة النظيفة والجهود المبذولة لتحقيق انتقال طاقي مستدام. وفي الوقت نفسه، تبرز رائدات الأعمال اللاتي يؤسسن شركات متخصصة في كفاءة الطاقة، مما يساهم في تعزيز استخدام الطاقة بشكل فعال وتقليل التكاليف البيئية.

والجدير بالذكر ان مساهمات النساء لا تقتصر على النساء في المدن بل ان المرأة الريفية هي ايضا قوة دافعة للانتقال الطاقي.

ففي المناطق الريفية، تلعب المرأة دورًا محوريًا في الانتقال الطاقي من خلال تبني تقنيات الطاقة المتجددة. هذا لا يساعد فقط في توفير الطاقة، بل يحسن أيضًا الخدمات الصحية والتعليمية، مما يعزز جودة الحياة في المجتمعات المحلية.

ضمن هذا السياق تتزايد الدعوات إلى تعزيز دور المرأة في المناصب القيادية في قطاع الطاقة. فالقيادة النسائية لا تساهم فقط في تحقيق المساواة، بل تعتبر أيضًا ضرورية لتحقيق نتائج أفضل في الانتقال الطاقي، حيث تجلب منظورًا جديدًا وحلولًا مبتكرة.

تحديات تواجه المرأة في قطاع الطاقة…

على الرغم من التقدم المحرز، لا تزال المرأة تواجه تحديات كبيرة في قطاع الطاقة التونسي. من بين هذه التحديات:

  • التمثيل المحدود: لا يزال تمثيل المرأة في قطاع الطاقة منخفضًا، مما يستدعي جهودًا مكثفة لتعزيز التنوع.
  • الفرص التعليمية والتدريبية: تواجه النساء صعوبات في الحصول على فرص تعليمية وتدريبية كافية في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM).
  • التحيزات الاجتماعية: تستمر التحيزات الاجتماعية والقوالب النمطية في تقييد مشاركة المرأة في قطاع الطاقة، مما يؤثر على فرصها في الحصول على مناصب قيادية.

من الرؤية إلى الواقع: قصة شبكة طموحة

لم يكن إطلاق شبكة المرأة العاملة في قطاع الطاقة في تونس ((TWNETمجرد حدث عابر، بل هو تتويج لجهود مشتركة ورؤية واضحة تهدف إلى “بناء فريق موحد وشامل، يساهم فيه التنوع والعمل الجماعي والتكامل بين المواهب النسائية في خلق تحالفات دائمة لتحقيق تأثير قوي ومسؤول في مجال الطاقة”. هذه الرؤية، التي صاغتها نخبة من القيادات النسائية الطموحة، تجسدت في مهمة الشبكة، وهي “تجنيد النساء الفاعلات وتعزيز أدوارهن لضمان انتقال عادل ومستدام للطاقة”.

شهادات من قلب الحدث: أصوات نسائية ملهمة

في إطار حفل الإطلاق الذي شهد انطلاقة جديدة، فتح باب العضوية الرسمية أمام القيادات النسائية، ليصبحن فاعلات للتغيير داخل الشبكة. كانت الحاضرات مشرقة بالحماس لهذه المبادرة، حيث عبرت فاطمة الزهراء، مهندسة طاقة متجددة، عن إعجابها قائلة: “أرى في هذه الشبكة فرصة ذهبية للتواصل مع نساء رائدات في مجال الطاقة، وتبادل الخبرات والمعرفة، والمساهمة في بناء مستقبل طاقة مستدام لتونس.”

ليلى بن علي، رائدة أعمال في مجال كفاءة الطاقة، أضافت: “نحن بحاجة إلى منصة قوية تمثلنا وتدافع عن حقوقنا وتطلعاتنا في هذا القطاع. هذه الشبكة هي بالضبط ما كنا نحتاجه.” في سياق الحديث عن هذه الشبكة، صرحت بلقيس جراد، الممثلة عن وزارة الصناعة والمناجم والطاقة: “لا يمكن أن تتم الابتكارات والتحول الطاقي بدون مشاركة فاعلة للمواهب النسائية. تعهدت وزارتنا بتشجيع دمج المرأة ورفع كفاءتها في هذا القطاع الأساسي لتنمية الاقتصاد في البلاد.” أبرزت جراد أهمية تعزيز دور المرأة في قطاع يعتمد على مساهمتها في بناء المستقبل.

من جانبها، أبرزت جاكلين غروث من سفارة ألمانيا بتونس أهمية التعاون الدولي لتعزيز المساواة بين الجنسين في قطاع الطاقة، مضيفة: “تؤكد ألمانيا من جديد التزامها بتعزيز المساواة بين الجنسين والتنمية المستدامة. تعتبر التعاون الدولي ضروريًا لتعزيز وصول المرأة إلى مهن الطاقة. نحن نرحب بالمبادرات المحلية التي تمكن المرأة من الحصول على تدريبات ومناصب استراتيجية في هذا المجال المستقبلي.”

أما ممثلو وكالة التعاون الفني الألماني (GIZ)، فقد أكدوا على أن “دمج المرأة في قطاع الطاقة ليس فقط مسألة من المساواة، بل هو أيضًا محفز أساسي لتعجيل التحول الطاقي وضمان التنمية المستدامة والشاملة. تدعم GIZ المرأة من خلال برامج متنوعة للتدريب ودعم ريادة الأعمال.”

خطة عمل طموحة: نحو تحقيق الأهداف

تعتمد الشبكة على خطة عمل متكاملة ترتكز على أربعة محاور استراتيجية رئيسية:

  • إدارة المعرفة وبناء القدرات: من خلال تدريب النساء على المعرفة والمهارات اللازمة لتعزيز أدوارهن في بيئة عمل عادلة ومستدامة.
  • الحوكمة الداخلية والاتصال الخارجي: من خلال تطوير عمل الشبكة وصداها على المستويين الوطني والدولي.
  • التحسيس والمناصرة: من خلال رفع مستوى الوعي بين النساء والأطفال والمجتمع المدني بشأن عملية الانتقال العادل والمستدام للطاقة.
  • الاستدامة المالية: من خلال تنويع وتنمية مصادر تمويل الشبكة.

هذا وتلعب المؤسسة الألمانية للتعاون الفني (GIZ) دورًا حيويًا في دعم الشبكة من خلال مشروع “الهيدروجين الأخضر بتونس” ومشروع “النسوية تتحرك من أجل التحول الهيكلي” (FAST). وفي هذا السياق، أكدت سونيا مفرج، المستشارة الفنية في GIZ، على أهمية هذه الشراكة، قائلة: “نحن ملتزمون بدعم تونس في تحقيق انتقال طاقي عادل ومستدام، ونؤمن بأن تمكين المرأة هو مفتاح النجاح في هذا المسعى، نحن ندعو جميع النساء العاملات في هذا القطاع للانضمام الى هذه البكة  والمساهمة في تحقيق أهدافها الطموحة. هذه الشبكة ليست مجرد منصة للتواصل وتبادل الخبرات، بل هي حركة نسائية تسعى إلى تغيير واقع قطاع الطاقة في تونس، وجعله أكثر عدالة واستدامة وشمولية…”

مبروكة خذير/كوسموس ميديا 

زر الذهاب إلى الأعلى