رجاء الدريدي – كوسموس ميديا-
طالبت الخبيرة في الموارد المائية والتغيرات المناخية روضة قفراج وزارة الفلاحة بالقيام بتقييم وضعية الماء في تونس من خلال وضعية الموارد المائية السطحية والجوفية بعد القرار الذي تم اعتماده في الفترة الممتدة ما بين 31 مارس 2023 إلى غاية 30 سبتمبر 2023، لمجابهة نقص المياه، وما إذا ساهم هذا القرار الوزاري في الحفاظ على الموارد المائية والحدّ من تبذيرها وما هي الإجراءات التي سيتم اعتمادها في حال تدهورت الموارد المائية، والحلول البديلة لمواجهة السنة الزراعية المقبلة.
من جهة أخرى دعت قفراج، في حوار خصت به “كوسموس ميديا”، الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه لتقييم نظام الحصص الظرفية والتحجير الوقتي لبعض استعمالات المياه وإلى ما أفضى هذا الإجراء، متسائلة إلى أي مدى ساهم هذا القرار في الحدّ من إهدار وتبذير الماء.
كما طالبت محدثتنا وزارة البيئة بتقديم تقييم حول وضعية المناطق الرطبة والمنظومات البيئية في ظل تواتر سنوات الجفاف التي تشهدها البلاد التونسية.
تباطئ السلطات في اتخاذ الإجراءات اللاّزمة
اعتبرت الخبيرة روضة قفراج أن السلطات المعنية تتباطؤ في اتخاذ الإجراءات العاجلة والصارمة، مضيفة بالقول: “لابدا من الاستناد إلى أهل الاختصاص والخبراء لدراسة وضعية الماء في تونس التي تعتبر خطيرة وكارثية وتتطلب إجراءات استثنائية”.
وتابعت: “الدولة غير واعية بمدى خطورة الوضع خاصة ونحن اليوم أمام وضع حرج”، مضيفة أن هناك غياب للنظرة الاستشرافية والاستباقية لتدارك الأمر، على حد تعبيرها، فأسباب نقص المياه لا تعود فقط إلى قلة التساقطات بل تعود إلى وضعية السدود التي تعاني من التلوث وسوء الصيانة.
وترى قفراج أن الدولة هي المسؤولة عن مراقبة الموارد المائية لحمايتها في ظل الفترة الصعبة التي تعيشها تونس منذ أربع سنوات على التوالي، إذ يجب عليها توفير كل الإمكانيات البشرية واللوجيستية لحماية الملك العمومي المائي من الإهدار.
حالة طوارئ مائية
تعيش تونس حالة جفاف بسبب انحباس الأمطار وبسبب التغيرات المناخية مما انعكس سلبا على المخزون المائي، فقد تراجع نصيب الفرد من الماء إلى أقل من 400 متر مكعب سنويا في حين أن المعدل العالمي يقدر بـ 1000 متر مكعب.
واعتبرت الخبيرة في الموارد المائية والتغيرات المناخية روضة قفراج أن الوضع المائي متأزم في تونس خاصة وأن موجة الجفاف مستمرة منذ أربع سنوات. ودعت إلى الإعلان الرسمي عن حالة الطوارئ المائية لأن الموارد المائية السطحية منعدمة، فالإشكال ليس في الموارد المائية السطحية فقط، بل حتى في المائدة المائية التي لم تتجدد، وفق تقديرها.
وأضافت: “في صورة امتلاء السدود وتهاطل الأمطار الإشكال سيظل قائما”، مؤكدة على ضرورة تدخل الدولة لإيجاد حلول لتوفير مياه الشرب والمياه الموجهة للأنشطة الفلاحية.
وتابعت: “يعد سد سيدي سالم بالشمال الغربي التونسي، من أكبر السدود، إذ تفوق طاقة استيعابه 580 مليون متر مكعب، لكن مع أزمة الجفاف، بلغ ما يقارب 30% فقط من طاقة استيعابه والحال نفسه بالنسبة لسد سيدي البراق 30%”.
أزمة مياه تهدد المواطن والفلاح
أفادت قفراج بأن تونس تواجه أزمة حادة في قطاع المياه وفي حال غياب مياه الري، سيتّجه الفلاح إلى جلب المياه بطرق غير قانونية مثل الآبار العشوائيّة التي فاق عددها 22 ألف بئر عميقة وهو ما يزيد من تعميق الأزمة، حسب قولها.
وأضافت محدثتنا أنه بسبب نقص الموارد المائية تضرر قطاع الماشية وإنتاج الألبان بحيث نجد أغلب الفلاحين فرطوا في مواشيهم نتيجة غلاء أسعار الأعلاف، وقد نواجه في السنة المقبلة نقصا في مادة الحليب إضافة إلى ارتفاع في أسعار الخضر والغلال، وفق توقعاتها.
وأشارت إلى أن نقص المياه يدفع بالمواطنين إلى تخزينه وهذا يؤدي إلى المسّ من العدالة الاجتماعية في توزيع المياه خاصة سكّان العمارات، وبالتالي وجب حسن تقسيم الكميات الموجودة بنفس الطريقة.
القطاع فلاحي يستنزف القطاع المائي
بيّنت محدثة “كوسموس ميديا”، روضة قفراج أن المناطق السقوية التي تستغل المياه السطحية أضرت بالمنظومة المائية في ظل شح المياه الذي تشهده تونس وهو ما يستدعي الدولة إلى التوجه أكثر نحو الزراعات الأقل استهلاكا للماء، مشددة على ضرورة الحد من امتداد المناطق السقوية المستهلكة أكثر للموارد المائية.
وقالت قفراج إن الفلاحة المروية في 2021، والتي تمثل 8% من مجموع الأراضي، استهلكت 2720 مليون متر مكعب من المياه، بينما كانت وزارة الفلاحة قد استشرفت في التسعينات بخصوص الفلاحة في أفق 2030، أنّ برنامجها في الاقتصاد في الماء يهدف إلى أن يكون نصيب الفلاحة منه إلى غاية 2030، حوالي 2000 مليون متر مكعب.
الحلول البديلة
اعتبرت الخبيرة في الموارد المائية روضة قفرا ج أن الحلّ الأوّل لتجاوز أزمة المياه في تونس تشريعي بامتياز، ويكمن في وضع قانون استثنائي لهذا الوضع الاستثنائي وإعلان حالة طوارئ مائية وحالة جفاف في البلاد حتى يحدد هذا القانون مسؤوليات الجميع من إدارة ومواطنين.
وأضافت أن الحل الثاني يتمثل في اللجوء إلى تحلية المياه عن طريق تركيز محطات تحليه متحركة، أما الحل الثالث فيأتي من خلال إنتاج الماء عن طريق الهواء وهي تجارب معتمدة في كل من اسبانيا وايطاليا. (تتوفر اليوم أجهزة تسمى مولدات الماء من الهواء، وهي أجهزة تستخرج المياه من رطوبة الهواء عبر تكثيف بخار الماء عن طريق تبريد الهواء).
يذكر أن وزارة الفلاحة والموارد المائية أصدرت يوم 31 مارس الفارط 2023، قرارا يتعلّق بإقرار نظام حصص ظرفي وتحجير وقتي لبعض استعمالات المياه، تشمل الأغراض الفلاحية وري المساحات الخضراء وتنظيف الشوارع والأماكن العامة وغسل السيارات إلى موفى سبتمبر 2023.