سليديرمقالات

شفشاون، تحتفي بالمهرجان الدولي لأفلام البيئة

مبروكة خذير- كوسموس ميديا -المغرب 

اختُتمت بمدينة شفشاون، عروس الشمال المغربي، فعاليات الدورة الرابعة عشرة من المهرجان الدولي لأفلام البيئة الذي تنظمه جمعية تلاسمطان للبيئة والتنمية، في أجواء تميّزت بالاحتفاء بالبيئة والثقافة والإبداع السينمائي.

وشهد المهرجان، الذي يستقطب كل عام عشاق السينما والصداقة البيئية، هذا العام حدثًا بارزًا تمثل في إعلان اعتماد شفشاون كـ«عاصمة للسينما الخضراء» في خطوة تحمل أبعادًا ثقافية وبيئية ترسّخ مكانة المدينة على الخريطة الدولية للسينما المستدامة.

فعاليات الدورة الرابعة عشر 

إستمرت فعاليات الدورة الرابعة عشرة لأيام عدة، وقد تميّزت بتنوع المحتوى وثراء البرمجة التي جمعت بين الأفلام الوثائقية والروائية القصيرة والطويلة التي تعالج قضايا بيئية مستعجلة مثل التغير المناخي، حماية التنوع البيولوجي، وإدارة النفايات، إلى جانب ورش عمل وجلسات نقاشية شارك فيها صحفيون، مخرجون، وناشطون بيئيون.

شملت الدورة مسابقات دولية وعروضاً مفتوحة، حيث تنافست مجموعة متميزة من الأفلام البيئية من مختلف القارات، مما خلق جواً حيوياً من الحوار بين الفنانين والجمهور، من خلال الإبداع الذي يمس قضايا مصيرية لكوكبنا.

أهمية المهرجان وطبيعة المشاركات

يعتبر المهرجان الدولي لفيلم البيئة في شفشاون من أرقى المهرجانات المتخصصة في المغرب وشمال إفريقيا التي تكشف عن الروح البيئية للفن السابع. ويجمع بين النقد الفني والمناصرة البيئية عبر عمل سينمائي متجدد يهدف إلى إشراك المجتمع المدني وصناع السياسات في الحوارات البيئية. يعكس المهرجان توجه جمعيته المنظمة «تلاسمطان للبيئة والتنمية» في الجمع بين الثقافة والتنمية المستدامة، ويركز على تمكين الشباب من خلال السينما كأداة توعوية وتحفيزية للحفاظ على البيئة.

الدورة 14 في أرقام و نتائج

تميّزت هذه الدورة بعرض أكثر من 50 فيلماً من 25 دولة، وقد تخللها إعلان الأفلام الفائزة، التي نال بعضها إشادة واسعة لجودتها الفنية وجرأتها في طرح المواضيع البيئية.

من بين الأفلام الفائزة: فيلم “صدى الأرض” الذي تناول أزمة التلوث البحري، و “أنفاس الغابة” الذي وثّق جهود إعادة تأهيل الغابات المهددة. كما فاز فيلم “صوت اللاشيء” بالجائزة الكبرى لمسابقات الأفلام القصيرة، معبرًا عن الأزمة الإنسانية والبيئية المتقاطعة.

أجواء المهرجان وتصريحات المشاركين

كانت الأجواء مشحونة بالحماس والتفاعل الإيجابي داخل قاعات العرض وبين أروقة النقاشات التي امتدت حتى وقت متأخر من الليل، كما عبّر الحاضرون عن إمتنانهم للدور الذي يلعبه المهرجان في تعزيز الوعي البيئي من جهة، وترسيخ مكانة شفشاون كسوق دولي للفيلم المستدام من جهة أخرى.
صرّح محمد الستار، مدير المهرجان، قائلاً: «نشعر بفخر كبير ونحن نشهد تحول شفشاون إلى عاصمة للسينما الخضراء، وهذا بفضل التزام الجمعية والشركاء والمبدعين الذين جعلوا من هذا المهرجان منبرًا عالميًا لجمع الفن بالبيئة. نسعى دائماً لتعزيز الرسالة البيئية عبر لغة السينما التي تؤثر بعمق في الروح والمجتمع.»


من جانبهم، عبّر عدد من المخرجين المشاركين عن سعادتهم بالمشاركة في المهرجان، حيث قالت المخرجة ناديا الكتاني: «المهرجان منحني فرصة ثمينة لا فقط لعرض فيلمي، بل للتواصل مع جمهور مهتم بقضايا الطبيعة والبيئة، وهذه تجربة لا تُنسى»، وأضاف المخرج الفرنسي لاوران دي مارتين: «شفشاون ليست فقط مدينة جميلة، بل هي منارة فكرية وفنية تستحق أن تُعرف أكثر على مستوى السينما البيئية.»

رسالة المهرجان من أجل بيئة و تنمية مستدامة 

تجسد دورة هذا العام من المهرجان الدولي لأفلام البيئة في شفشاون نموذجًا متقدمًا في الربط بين السينما والتنمية المستدامة، مؤكدًا على أن السينما البيئية لم تعد مجرد عرض للأفلام، بل أصبحت أدوات فعلية للتغيير والوعي، يقودها مجتمع ثقافي يفتخر به السكان والزوار على حد سواء. ويظل مهرجان شفشاون منصة حقيقية لتعزيز التزام المغرب والعالم بقضايا الحماية البيئية والتنمية المستدامة.
بهذا، يغلق المهرجان الدولي لفيلم البيئة في شفشاون أبوابه مؤقتًا، مع وعد بالعودة بدورة جديدة تحمل معها المزيد من الابتكار، التفاؤل، والرسائل البيئية المبدعة التي يلعب الفن دورها المركزي في التأثير على الحاضر والمستقبل.

في ختام فعاليات الدورة الرابعة عشر من مهرجان شفشاون الدولي لأفلام البيئة، اجتمعت لجنة التحكيم برئاسة الدكتورة ليلى الرحموني، أستاذة السينما بجامعة ابن طفيل، وبعضوية المخرجة والمنتجة التونسية مبروكة خذير، والأستاذ محمد علي درويش المدير الإبداعي لمنصة الجزيرة 360، والمنتجة والمخرجة الإسبانية نوسيم كويادة، لتقييم 12 فيلماً قصيراً ضمن مسابقة أفلام الهواة وأفلام المؤسسات التعليمية.
وُضع التقييم على أساس قيم الرسالة البيئية، الأهمية والملاءمة، الإبداع رغم الإمكانات المحدودة، الوضوح، والقيمة التربوية خاصة في أفلام المؤسسات التعليمية. وفي مسابقة المؤسسات التعليمية فاز بالجائزة الأولى فيلم “أنقذوا الواحة” للمخرج كمال أوسعيد من المغرب، مع تنويهات خاصة لأفلام “ماسة بين الحياة والموت”، “المقعد”، و”ندى”. أما في مسابقة الهواة، فقد نال فيلم “تيزي ن أوماراغ” للمخرجات المغربيتين فاطمة الزبير وكوثر أوزكان الجائزة الأولى، كما أبدت اللجنة إشادة خاصة بفيلم “Monalisa une histoire climatique” الألماني.


وأكدت اللجنة في ختامها على أهمية المهرجان في دعم الإبداع السينمائي البيئي، وحماية البيئة من خلال الفن، مختتمةً تقريرها بشعار الدورة: “سينما خضراء من أجل مناخ سليم ومستدام”.

و قالت مبروكة خذير، المخرجة والمنتجة التونسية في مداخلتها أن :
” مهرجان شفشاون الدولي لأفلام البيئة يُعد منصة فريدة تجمع بين الفن والرسائل البيئية الملحة، وهو فرصة ثمينة لدعم المواهب الشابة والهواة الذين يعبرون عن قضايا البيئة بإبداع وإصرار رغم التحديات. المشاركة في هذه التجربة تثبت أن السينما هي أداة قوية للتوعية والتغيير، وأشعر بالفخر لكوني جزءًا من لجنة تحكيم تقيّم أعمال تعكس الواقع البيئي بشكل إنساني وملهم.”
اما الدكتورة ليلى الرحموني، أستاذة السينما بجامعة ابن طفيل فأكدت خلال حوار لها مع كوسموس ميديا أن:
”هذا المهرجان يمثل انعكاسًا هامًا لتلاقي الفن مع القضايا البيئية، ما يعكس وعيًا متزايدًا بأهمية حماية كوكبنا. جودة الأفلام المشاركة ومستوى الإبداع رغم الإمكانات المحدودة يؤكدان حيوية السينما البيئية ودورها في تحفيز التفكير والنقاش. نحن محظوظون بأن يكون لنا دور في اختيار الأعمال التي تسهم في بناء مستقبل مستدام من خلال الفن والرسائل المؤثرة.”

و في تصريحه لكوسموس ميديا محمد تفراوتي حول ورشات النقاش والماستر كلاس في المهرجان الدولي لأفلام البيئة بشفشاون:
“تمثل ورشات النقاش والماستر كلاس التي ينظمها مهرجان شفشاون الدولي لأفلام البيئة فرصة لا تقدر بثمن لتعميق الحوار حول السينما البيئية من وجهات نظر متعددة، لا سيما الدور المحوري الذي تلعبه النسائية في إثراء هذا المجال. كما تسلط ندوتا ‘سينما البيئة بعيون نسائية’ و’الثورة الرقمية كرافعة للتربية على البيئة’ الضوء على أهمية دمج التقنية الرقمية في صناعة الأفلام البيئية، مما يفتح آفاقاً جديدة للتواصل والتأثير في الجمهور. هذه المبادرات تعزز من قدرة الفيلم البيئي على التوعية وتشجيع الممارسات المستدامة، وتؤكد على أهمية مشاركة المجتمع بكل شرائحه في صناعة السينما البيئية وتقديم تجارب مبتكرة تعكس واقع التحديات البيئية المعاصرة.”

 فيلم ‘لالة رابحة’ يحصد جائزة أفضل وثائقي للهواة

في أجواء فنية وثقافية غنية بالقيم البيئية، شهدت مدينة شفشاون اختتام فعاليات الدورة الرابعة عشرة من مهرجان شفشاون الدولي لفيلم البيئة، حيث حصد فيلم “تيزي ن أوماراغ ” للمخرجتين كوثر وزكان وفاطمة الزبير جائزة أفضل فيلم وثائقي في فئة الهواة، بعد أن أثار إعجاب لجنة التحكيم والجمهور على حد سواء.

يروي الفيلم قصة سيدة من الرحل تجسد ارتباط الإنسان المغربي بأرضه، من خلال شخصية “لالة رابحة”، التي تُعتبر رمزًا لصمود المرأة القروية وقدرتها على الحفاظ على علاقة حميمية بالطبيعة. يقدم العمل مشاهد شاعرية تعكس فلسفة البساطة والانسجام مع البيئة، مسلطًا الضوء على معاناة ساكنة المناطق الجبلية والرحل، وأهمية الحفاظ على الموارد الطبيعية في مواجهة التغيرات المناخية.
اختيار مهرجان شفشاون تكريم هذا الفيلم ليس صدفة، إذ ينسجم مع فلسفة المهرجان الذي يجمع بين الفن والوعي البيئي، ويمنح فرصة لصناع الأفلام الشباب والهاوين للتعبير عن رؤيتهم تجاه البيئة والتنمية المستدامة.
يبرز الفيلم دور المرأة القروية والرحل في حماية الموروث الطبيعي والبيئي، ويعيد الاعتبار لحياة المجتمعات الهشة التي غالبًا ما يتم تهميشها في وسائل الإعلام.

يواصل مهرجان شفشاون للبيئة ترسيخ مكانته كأحد أبرز التظاهرات السينمائية البيئية في المنطقة، جامعًا بين المخرجين والمنتجين والنقاد والمجتمع المدني في فضاء يكرّس الحوار حول الاستدامة. ويؤكد تتويج فيلم “لالة رابحة” أن القصص الإنسانية العميقة، حتى لو قُدمت بميزانيات محدودة، قادرة على أن تترك أثرًا قويًا وتصل إلى جمهور واسع.

اسدل المهرجان الدولي لأفلام البيئة بمدينة شفشاون الستار و اختتمت فعاليات دورته الرابعة عشرة من قبل جمعية تلاسمطان للبيئة والتنمية بإعلان نوعي حمل بعدا ثقافيا وبيئيا، حيث أعلن الناشط والاعلامي البيئي محمد التفراوتي عن جعل مدينة شفشاون “عاصمة للسينما الخضراء”. مناشدا جمعية تلاسمطان للبيئة والتنمية من أجل الترافع لتحقيق هذا المبتغى الذي عبر عنه عموم المشاركين في المهرجان . وقال التفراوتي في كلمته خلال اختتام المهرجان:
«تبعا للتراكم الذي راكمته جمعية تلاسمكان للبيئة والتنمية عبر 14 دورة متتالية، نؤكد أن الجمعية لن تدّخر جهدًا من أجل ترسيخ مكانة شفشاون كعاصمة للسينما الخضراء. لقد أصبح المهرجان فضاءً جامعًا بين الفن والوعي البيئي، حيث تتلاقى الصورة والإبداع مع رسالة الاستدامة. ومن خلال شراكاتنا، وإصرارنا على بناء جسور بين السينما والبيئة، نطمح إلى جعل شفشاون منارة دولية للثقافة البيئية ووجهة رائدة لصناعة الفيلم البيئي».

ويأتي هذا الإعلان ليعزز مكانة شفشاون، المدينة الزرقاء، كفضاء يجمع بين الهوية الجمالية والالتزام البيئي، وليفتح آفاقا جديدة أمام السينما البيئية كأداة للتوعية والتحسيس بقضايا الاستدامة والتنمية.

زر الذهاب إلى الأعلى