سليديرمقالات

ما هي اخر مستجدات انفجار ناقلة النفط قبالة سواحل ليبيا؟

مبروكة خذير_ كوسموس ميديا

تأتي الأخبار الواردة من قبالة السواحل الليبية مطمئنة حتى الآن، حيث نفت مصادر رسمية حدوث أي تسرب نفطي في مياه البحر المتوسط، رغم المخاوف التي أعرب عنها خبراء بيئيون من احتمال وقوع كارثة تلوّث بيئي في المنطقة. وأكدت المعطيات الأخيرة عدم تسجيل أي تسرب نفطي يشكل تهديدًا للسواحل التونسية أو البيئة المتوسطية بشكل عام.

جاء ذلك عقب انفجار ناقلة النفط “فيلامورا” التي كانت تحمل نحو مليون برميل من النفط الخام، وذلك في 27 يونيو 2025، في غرفة محركات الناقلة قبالة سواحل ليبيا بعد مغادرتها ميناء الزويتينة باتجاه جبل طارق. أدى الانفجار إلى غمر غرفة المحركات بالمياه، دون وقوع إصابات بين أفراد الطاقم أو تسجيل أي تلوث نفطي مباشر حتى الآن.

وأوضح الناشط البيئي مهدي عبدلي، المكلف سابقًا بمأمورية في وزارة البيئة التونسية، أن الناقلة ترفع علم جزر مارشال وتتبع لشركة TMS Tankers LTD اليونانية، وتبلغ سعتها حوالي 160 ألف طن متري، بطول 274 مترًا وعرض 48 مترًا، وكانت محملة بنحو مليون برميل من النفط الخام، وهو مادة أكثر خطورة من النفط المكرر، مما يزيد من خطورة أي تسرب محتمل. وأشار عبدلي إلى أن الانفجار وقع في غرفة المحركات وليس في خزانات النفط، مما يقلل من احتمالية حدوث تسرب نفطي.

من جانبه، أكد الخبير البيئي حمدي حشاد أن الحادثة لا تتعدى كونها انفجارًا صغيرًا في غرفة المحركات، وأنه لا صحة لحدوث تسرب نفطي في البحر. وأشار إلى أن الشركة المشغلة أكدت أن الوضع تحت السيطرة، وأن الناقلة تم سحبها نحو اليونان لإجراء الصيانة اللازمة، دون وجود أي خطر على السواحل التونسية. وأضاف أن جغرافيا المنطقة ومسار التيارات البحرية يجعل احتمال وصول أي تسرب نفطي إلى السواحل التونسية غير وارد، وأن الحادث تم تداركه بسرعة ولا يشكل تهديدًا بيئيًا مباشرًا.

ودعا حشاد إلى تحري الدقة وعدم تضخيم الحادث، محذرًا من تداول معلومات غير صحيحة قد تثير القلق دون مبرر.

هذه التطورات تأتي في ظل حالة ترقب مستمرة، مع غياب معلومات دقيقة حول حجم الأضرار التي لحقت بخزانات الناقلة وهيكلها بعد الانفجار، مما يستدعي متابعة مستمرة من الجهات المختصة لضمان سلامة البيئة البحرية في المنطقة.

تسرب النفط في البحر التونسي: جرح بيئي طويل الأمد يهدد التنوع البحري والاقتصاد المحلي


تواجه البيئة البحرية التونسية تحدياً بيئياً خطيراً جراء تسرب النفط في مياهها، وهو ما يفتح صفحة مأساوية طويلة الأمد على النظام البيئي البحري. ورغم أن التسرب الأخير لم يكن من الناقلة اليونانية التي تعرضت لانفجار قبالة السواحل الليبية، إلا أن آثار التلوث النفطي تبقى مهددة للتنوع البيولوجي في البحر التونسي، كما سبق وأن تناولت منصة “كوسموس ميديا” في مقالها حول تأثيرات التلوث الزيتي على البيئة البحرية
.

عندما يتسلل النفط إلى مياه البحر، لا يظهر الضرر فوراً، لكنه يتغلغل تدريجياً في أعماق النظام البيئي، مدمراً العوالق النباتية والحيوانية التي تشكل قاعدة السلسلة الغذائية. هذا الدمار يؤدي إلى فقدان الغذاء للكائنات البحرية الأكبر، مما يخل بتوازن النظام البيئي بأكمله. المواطن الطبيعية الحساسة مثل الشعاب المرجانية وأشجار المانغروف والأعشاب البحرية تتعرض للغطاء النفطي الذي يخنقها ويدمر موائلها، فيما تصاب الكائنات البحرية بالتسمم، ما يؤثر على صحتها وقدرتها على التكاثر، ويهدد التنوع البيولوجي البحري.

إضافة إلى ذلك، يغير التلوث النفطي سلوك الكائنات البحرية، فتتغير مسارات هجرتها وأماكن تكاثرها، مما يزيد من هشاشة النظام البيئي. كما تغطي طبقة النفط سطح المياه، مما يمنع وصول الضوء والهواء، ويوقف عمليات التمثيل الضوئي للنباتات البحرية، فيتدهور الإنتاج البيولوجي ويضعف البحر ككل.

ولا يقتصر أثر هذا التلوث على البيئة فقط، بل يمتد ليطال الإنسان والاقتصاد المحلي. فالأسماك التي يعتمد عليها الصيادون في معيشتهم تقل أعدادها، وتتراجع السياحة الساحلية التي كانت تزدهر بجمال الشواطئ التونسية. وحتى بعد عمليات التنظيف، تبقى بقايا النفط في الرواسب البحرية لسنوات، تذكّر الجميع بأن الكارثة لم تنته بعد، وأن البحر لا ينسى بسهولة.

تجدر الإشارة إلى أن السلطات التونسية أكدت سابقاً عدم حدوث تسرب من ناقلة الشحن “كسيلو” التي غرقت قبالة سواحل تونس، حيث لم تتعرض خزاناتها لحوادث تسرب نفطي، مما يخفف من بعض المخاوف المتعلقة بالتلوث النفطي المباشر في تلك الحادثة.

 في المقابل، حادث انفجار ناقلة نفط يونانية قرب السواحل الليبية في 27 جوان 2025 لم يسفر عن تسرب نفطي حتى الآن، لكن مراقبة الوضع مستمرة.

هذه الأزمات البيئية المتكررة تستدعي تحركاً عاجلاً وجاداً من جميع الجهات المعنية للحفاظ على البيئة البحرية التونسية، التي تمثل مورداً طبيعياً حيوياً لا يمكن تعويضه، وحماية الاقتصاد الوطني المرتبط بها من مخاطر قد تمتد لأجيال قادمة.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى