سليديرمقالات

الملك الغابي في تونس بين هشاشة القوانين وضعف الرقابة وتأثير اللّوبيات؟!

رجاء الدريدي – كوسموس ميديا

تتعرض الثروة الغابية بعد اندلاع الثورة إلى الكثير من الانتهاكات الخطيرة والتي باتت تهدد القطاع الغابي من ذلك تتالي الحرائق مع كل صيف والتي تأتي على مئات الهكتارات، متسببة في إتلاف أنواع نادرة من النباتات وإبادة الحيوانات البرية إلى جانب الاستغلال العشوائي الذي طال مساحات شاسعة وما حولها من مساحات غابية إلى فجوات غابية. إذ تقلصت مساحات غابات تونس حيث وصلت إلى 28 ألف هكتار سنة 2021 وهو يعتبر رقما قياسيا.

وفي هذا الإطار تحدث المحامي والناشط بالمجتمع المدني طارق الزكراوي لـ“كوسموس ميديا” عن تفاقم ظاهرة التحوز على الملك الغابي واعتبر أن ظاهرة التعدي ليست بحديثة لكنها تصاعدت بعد الثورة سواء من خلال الحرق أو عبر قطع الأشجار أو الاستغلال غير المشروع للمنتوجات الغابية، مشيرا إلى وجود أفراد مستفيدين يقفون وراء هذه الأعمال.

إمبراطوريات مستنزفة

قال المحامي طارق الزكراوي إن هناك “إمبراطوريات استنزفت هاته الغابة دون تدخل الدولة إما بوعي أو دون وعي”، مرجحا وجود إرادة خلفية تسعى إلى عرقلة عملية تنمية الغابات في تونس، وفق تقديره.

وتحدث الزكراوي خلال حضوره في برنامج “كوسموس” البيئي ضمن فقرة “كوسموس لوديبا”، عن امتداد نفوذ اللوبيات في أذرع السلطة، مشيرًا إلى كيفية تأثير هذه الجماعات في صنع القرار وتوجيه السياسات.

ضعف الرقابة والإمكانيات

وأفاد الأستاذ طارق الزكراوي بأن ضعف الرقابة ونقص الإمكانيات اللوجستسية والبشرية يظهران كعقبة رئيسية أمام حماية الغابات، مضيفا بالقول: “كيف يمكن لثلاث مراكز غابية أن يحرسها عون واحد، في حين أن كل مركز يتطلب ان يحرسه ثلاثة أعوان”، مشددا على ضرورة توفير اهتمام أكبر من الحكومة للحفاظ على الثروة الغابية وحمايتها من التدهور.

عقوبات هشة ومجلة قاصرة…

يعتبر المحامي طارق الزكراوي أن المخالفات القانونية ضعيفة والعقوبات السجنية تفتقر إلى التنفيذ الفعال، قائلا: “المحاضر القانونية في تونس ضعيفة منذ الستينات ولم تواكب التطورات التشريعية المستمرة”.

كما يعتبر أن مجلة الغابات “قاصرة” سواء من جهة حماية الغابات أو من جهة الدفاع عن مكتسبات الدولة و حماية مواردها الطبيعية و البيئية.

ودعا محدثنا في هذا الإطار، إلى ضرورة تنقيح مجلة الغابات وإلى توفير تكوين خاص لفائدة القضاة الذين يتعاملون مع القضايا المتعلقة بالغابات لتحسين قدرتهم على فهم القضايا البيئية واتخاذ قرارات أكثر فعالية.

هرسلة العون الغابي

أفاد المحامي طارق الزكراوي بأن هناك أطراف نافذة تسعى عن طريق اللوبيات إلى تقرير مصير و مال العون الغابي الذي قد يعطل مصالحهم خلال قيامه بواجبه و أداء وظائفه.

ودعا في هذا السياق، إلى ضرورة حماية العون الغابي وعدم هرسلته وتهميشه حتى من قبل إدارته، مضيفا بالقول: “العون الذي لا يشعر بالأمان أثناء القيام بواجبه لا يمكن أن يقدم أداء متميزا”.

تكلفة بيئية واقتصادية باهضة

اعتبر الزكراوي أن الاعتداء الغابات وعدم الاعتناء بها يترتب عنه تكلفة بيئية باهضة تتجلى في عدة جوانب كفقدان التنوع البيولوجي وتغير المناخ والتأثير على مصادر المياه باعتبار أن الغابات تلعب دورا هاما في دورة الماء وجذب الأمطار.

وعن القيمة الاقتصادية للثروة الغابية، أفاد الزكراوي بأن المنتوج الغابي التونسي ثروة طبيعية تتمتع بجودة عالمية يمكن أن تساهم بشكل كبير في دعم ميزانية الدولة عندما تتم المحافظة عليها كما يجب.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن ظاهرة الاستيلاء على الملك العمومي الغابي قد تفاقمت في الآونة الأخيرة، وهو ما يعتبر تعد على الملك العمومي الغابي، حيث يتم استغلال المساحات الغابية إما بشكل قانوني أو غير قانوني من طرف شخصيات نافذة، إذ لا بدّ من تعزيز حماية الغابات من التدهور والعمل على تشديد الرقابة وتطبيق العقوبات السجنية لضمان استدامتها كجزء من البيئة والاقتصاد.

زر الذهاب إلى الأعلى