تونس – 25 ماي 2023 – كوسموس ميديا – مبروكة خذير
انطلقت في منطقة قمرت في تونس العاصمة اليوم فعاليات “مؤتمر الاستثمار الدولي لتنفيذ المساهمات المحددة وطنيا” بحضور بعثات دبلوماسية وسفراء وشركاء من منظمات دولية، كما قدم وزيرا البيئة ليلى شيخاوي ووزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري عبد المنعم بلعاتي مداخلتين أثناء الكلمات الافتتاحية تحدثا فيهما عن توجهات الدولة التونسية في مجال مساهماتها الدولية في التأقلم مع التغيرات المناخية وتخفيض تونس من انبعاثاتها الغازية والجهود الدولية المنصهرة في هذا المجال.
وفي تصريح له لمنصة “كوسموس ميديا”، قال محمد الزمرلي، المنسق التونسي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (CDN) ان تونس تحتاج اليوم إلى تعبئة أفضل لموارد الدعم لتنفيذ المساهمة الوطنية المحددة، وأضاف أن الأمر يتعلق أيضا ببناء علاقات تعاون خلال السنوات القادمة بين الفاعلين التونسيين والشركاء التقنيين والماليين حول المشاريع ذات الأولوية المقترحة في إطار شبكة تنمية المجتمع، جاء ذلك في ديباجة افتتاح “مؤتمر الاستثمار الدولي لتنفيذ المساهمات المحددة وطنيا”.
تعبئة الموارد والالتزامات الدولية…
يهدف هذا المؤتمر، الذي سيستمر عمله يومي 25 و26 ماي 2023، بحضور دبلوماسيين وممثلين عن منظمات التعاون وأعضاء شراكة NDC على المستوى الدولي والإقليمي والوطني، بشكل خاص إلى عرض المشاريع ذات الأولوية علاوة على القطاعات الشريكة في التكيف أو التخفيف من آثار تغير المناخ.
تم إطلاق التحالف العالمي لشراكة المساهمات المحددة وطنيا (NDC) في COP22 في عام 2016، ويهدف إلى مساعدة البلدان على الوفاء بالتزاماتها وتحقيق أهداف طموحة تتعلق بالمناخ والتنمية المستدامة بشكل أسرع.
هذا ويُلزم اتفاق باريس جميع الأطراف بتسريع انتقالهم إلى اقتصاد منخفض الكربون وقادر على الصمود أمام تغير المناخ، بهدف احتواء الاحترار العالمي للكوكب إلى مستوى لا يتجاوز درجتين مئويتين (أو حتى 1.5 درجة مئوية) بالنسبة لمستويات ما قبل الصناعة.
من أجل تحقيق هذا الهدف، أنشأت الاتفاقية العديد من الآليات التي تضمن تحسين الطموح المناخي، بما في ذلك المساهمات المحددة وطنيًا، واستراتيجيات التنمية منخفضة الكربون (SNBC) بحلول عام 2050.
والجدير بالذكر أن تونس كانت قد صادقت على اتفاقية باريس للمناخ بموجب القانون الأساسي عدد 72 لسنة 2016 المؤرخ في 31 أكتوبر 2016، وقدمت مساهمتها المحددة وطنيا (INDC) في 16 سبتمبر 2015. امتثالا لأحكام المادة 3 من اتفاق باريس، تحديث المساهمات المحددة وطنيا الخاص بها في أكتوبر 2021، لتسليط الضوء على أهمية الانتقال إلى نموذج تنموي جديد شامل ومتوافق مع أهداف التنمية المستدامة (SDGs).
هذا وقد التزمت تونس بتقليل كثافة الكربون بنسبة 45٪ بحلول عام 2030، وبالتالي، فإن المساهمات المحددة وطنيا المحدثة في تونس تهدف إلى إحداث نقلة نوعية جذرية في جميع القطاعات الاقتصادية، من خلال تقليل كثافة الكربون في الاقتصاد الوطني بنسبة 45٪ بحلول عام 2030، مقارنة بخط الأساس لعام 2010، وتعزيز قدرة البلاد على الصمود أمام تغير المناخ، من خلال الحد بشكل كبير من ضعف النظم البيئية والسكان والأقاليم والاقتصاد بهدف التنمية المستدامة.
استعدادات الدولة…
وجاء في تصريح وزيرة البيئة ليلى شيخاوي لـ“كوسموس ميديا” أن تحقيق تخفيض تونس من انبعاثاتها الغازية يتطلب تعبئة موارد مالية كبيرة تقدر بنحو 19.4 مليار دولار أمريكي خلال الفترة 2021-2030، بما في ذلك 14.4 مليار دولار أمريكي للتخفيف، و4.3 مليار دولار أمريكي للتكيف و0.7 مليار دولار أمريكي لبناء القدرات.
من جهته أضاف محمد زمرلي، المنسق التونسي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (CDN)، في حديثه الى موفدة “كوسموس ميديا”، ان تونس انتقلت إلى مرحلة متقدمة من المشاركة وتنفيذ المشاريع المناخية المدرجة في مساهمتها المحددة وطنيا كما دعا أعضاء الشراكة لدعم رؤية الحكومة التونسية نحو التنمية المستدامة.
واعتبر زمرلي أن المشاريع التي ستتم مناقشتها خلال هذا المؤتمر تمثل فرصًا فورية للاستفادة منها في كل من القطاعات الرئيسية المختارة وهي إدارة المياه وإنتاج الطاقات المتجددة وتطوير الزراعة المستدامة وتحسين إدارة النفايات.
تقييم خارجي…
وفي في كلمة له اثناء الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الاستثمار الدولي لتنفيذ المساهمات المحددة وطنيا، أشار السفير الألماني في تونس، بيتر بريجيل، إلى ضعف تونس في مواجهة تغير المناخ والتحديات التي تواجهها سيما فيما يتعلق بالمياه والطاقة.
وقال الدبلوماسي الألماني إنه من أجل تحقيق نجاح تونس في الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون وجب إجراء نقلة نوعية جذرية من خلال تعزيز إجراءات كفاءة الطاقة والاستثمار في الطاقات المتجددة بما يساعد في مواجهة تغير المناخ في دولة تحتاج إلى تكثيف حهودها في هذا السياق.
وأشار السفير الألماني في تونس إلى التزام الحكومة الألمانية التي قال إنها “تتعاون مع الجهات الرسمية في تونس لتحقيق أهدافها المناخية وتواصل الشراكة بين البلدين لتحقيق التنمية المستدامة”.
وذكّر في هذا السياق بالمساهمة الألمانية في المشاريع الإستراتيجية في تونس، بما في ذلك مشاريع ترميم السواحل المتآكلة وإنجاز مشاريع الطاقة بما في ذلك محطتا توليد الكهرباء توزر 1 وتوزر 2، وهو المشروع الذي سيجعل من الممكن تجنب التآكل.
كما تحدث السفير الألماني أيضا عن انبعاث ما يقرب من 20000 طن من ثاني أكسيد الكربون.
أما سفيرة دولة الإمارات العربية المتحدة في تونس الدكتورة إيمان أحمد السلامي فقد تطرقت إلى مؤتمر COP28 الذي سيعقد في الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر 2023، في مدينة دبي والذي سيكون على حد تعبيرها “مرحلة تاريخية في مجال إجراءات التقييم المتخذة منذ اتفاق باريس واتخاذ الإجراءات المستقبلية اللازمة في مجال التغيرات المناخية “.
وتحدثت سفيرة دولة الإمارات العربية المتحدة في تونس، عن التزام دولة الإمارات بالعمل بشأن تغير المناخ وتحول الطاقة من خلال زيادة طموحاتها لتأمين حصة 70٪ من اقتصادها غير النفطي واستهداف خفض كثافة الكربون بنسبة 25٪ بحلول عام 2030.
وأردفت الدكتورة إيمان أحمد السلامي بالقول “إن دولة الإمارات العربية المتحدة ستعمل مع تونس لتحقيق أهدافها المناخية ولضمان أن تكون مشاركتها في قمة المناخ المقبلة مثمرة”.
هذا و يذكر أنه يتم تنظيم المؤتمر الدولي للاستثمار لتنفيذ المساهمات المحددة وطنيا في تونس من قبل وزارة البيئة بالتعاون مع ائتلاف شراكة NDC، وبدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) والوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ) بهدف تنفيذ مشاريع للتخفيف من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتقليل مخاطر المناخ، مع الأخذ في الاعتبار إمكانيات تونس المحدودة في الاستجابة لالتزاماتها الدولية وهو ما يجعل من هذا المؤتمر فرصة لحشد الموارد المالية والنقاش بشأن الخطوات القادمة لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتأقلم والتخفيف من وطأة التغيرات المناخية على الطبيعة والمناخ والبشر في تونس.