أميرة القيزاني – كوسموس ميديا
تبرز الورقة العلمية الصادرة عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، الظواهر الناتجة عن ارتفاع درجات حرارة الأرض مُصنِّفةً بذلك 2023 العام الأشدّ حرارة، فمنذ عام 1940 وصولا إلى عام 2024، سجل العالم ارتفاعاً في درجات حرارة الأرض بشكل عام. وخلال هذه الفترة، شهدت العديد من المناطق في جميع أنحاء العالم زيادة في درجات الحرارة، وهو ما يُعزى في الغالب إلى تأثير الأنشطة البشرية على البيئة، بما في ذلك انبعاثات الغازات الدفيئة.
وهذه الغازات تساهم في زيادة احتجاز الحرارة في الغلاف الجوي، مما يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة على سطح الأرض.
فعلى الرغم من وجود تقلبات طبيعية في درجات الحرارة على مر العصور، إلا أن الارتفاع الحالي في درجات الحرارة يعتبر غير طبيعي ومتسارع، ويرتبط بشكل كبير بالأنشطة البشرية.
وقد كان عام 2023 العام الأكثر حرارة وفق تقرير المناخ العالمي الصادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية.
رابط الرسم البياني التالي: https://datawrapper.dwcdn.net/sIGJL/3
الدول النامية تدفع ضريبة صناعات الدول الكبرى
تُسهم الدول الصناعية الكبرى بشكل رئيسي في انبعاث غازات الاحتباس الحراري مثل ثاني أكسيد الكربون (CO2) والميثان (CH4) وثاني أكسيد النيتروجين (N2O)، والتي تؤدي إلى زيادة درجة حرارة الأرض. حيث أن الاقتصادات الصناعية الكبرى تستهلك كميات هائلة من الموارد الطبيعية مثل النفط والغاز الطبيعي والفحم، مما يؤدي إلى إطلاق المزيد من الانبعاثات وبالتالي تدهور البيئة.
وهو ما يدفعنا للحديث عن غياب العدالة المناخية، فعلى الرغم من أن الدول النامية تكون أقل مسؤولية عن تغير المناخ، إلا أنها تتأثر بشكل كبير بآثاره. وفي الوقت نفسه، تواجه صعوبات في تبني تكنولوجيا نظيفة والتكيف مع التحديات المناخية بسبب قيود الموارد المالية والتقنية.
علاوة على ذلك فان زيادة درجة حرارة الأرض تؤدي إلى تغيرات مناخية عالمية مثل زيادة في درجات الحرارة، وارتفاع مستويات سطح البحر، وتغيرات في نمط وكمية الأمطار، مما يؤثر سلباً على الزراعة والثروة الحيوانية وموارد المياه في الدول النامية وبالتالي خسائر اقتصادية واجتماعية كبيرة.
إذن يمكن القول إن الدول الصناعية الكبرى تحمل مسؤولية كبيرة في زيادة درجة حرارة الأرض وتأثيرها على الدول النامية، وهذا يستدعي التعاون العالمي واتخاذ إجراءات فعالة للحد من الانبعاثات وتعزيز التكيف مع تغير المناخ.
انتظارات دول القارة الافريقية من حكوماتهم إزاء اتخاذ قرارات للحد من تغير المناخ
لهذا السبب وببيانات متاحة لدى Our World In Data سلطنا الضوء على نسب الأفراد الذين يرون أن حكوماتهم عليها أن تسنّ إجراءات للحد من تغير المناخ الذي يلحق أضرارا بالحياة المعيشية والصحية ولعل الأبرز هي الحياة البيئية بما في ذلك التنوع البيولوجي الذي يعد مهما لتواصل الكائنات الحية واستمراريتها.
الرسم البياني في الرابط التالي: https://public.flourish.studio/visualisation/17545706/
يستند هذا التقرير إلى البحوث العلمية والمراقبة الدولية للتغيرات البيئية، ويدعو إلى اتخاذ إجراءات عاجلة وفعّالة للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة وتعزيز التكيف مع تأثيرات تغير المناخ. كما يؤكد على ضرورة التعاون الدولي والجهود المشتركة لمواجهة هذا التحدي العالمي الهام.
كوارث بيئية من صنع البشر تطال العالم
يحذر التقرير من تداعيات خطيرة لارتفاع درجات الحرارة، مثل ارتفاع مستوى سطح البحر وتغيرات في نمط الهطول وتدهور البيئة وزيادة تكرار الكوارث الطبيعية مثل العواصف الاستوائية والجفاف والحرائق. كما يشير إلى أن هذه التغيرات تسبب تهديداً للموارد الطبيعية والأمن الغذائي والاقتصادات العالمية.
ففي السنة المنقضية (2023)، كانت معظم مساحات الأراضي أكثر دفئًا من متوسط الفترة الممتدة من 1991 إلى سنة 2020. حيث تم الإبلاغ عن دفء غير عادي عبر المنطقة الكبيرة منها مناطق شمال كندا، وجنوب الولايات المتحدة، والمكسيك، وأمريكا الوسطى، بالإضافة إلى مناطق كبيرة كمناطق أمريكا الجنوبية. وكانت مناطق واسعة من آسيا الوسطى إلى أوروبا الغربية بما في ذلك أجزاء من شمال أفريقيا وشبه الجزيرة العربية دافئة بشكل غير عادي، وكذلك جنوب شرق آسيا واليابان…
ومن بين الكوارث نذكر الحريق الذي لحق ب يلونايف، إحدى أكبر المدن في الشمال الكندي، التي أصدرت السلطات أوامر بإخلائها مع اتساع رقعة حرائق الغابات في صائفة /أوت 2023. وقد أجبر عشرات آلاف الأشخاص على إخلاء منازلهم حيث أتت النيران على مساحات شاسعة من الأراضي.
ويُرْجعُ الخبراء ظاهرة حرائق الغابات إلى تغيّر المناخ، إلى جانب ارتفاع درجات الحرارة وشدة الجفاف وهو ما عايشته كندا في طقسها. الأمر الذي زاد من وتيرة الحرائق وحدّتها.
وفي شهر أوت المنقضي من سنة 2023، نشبت مجموعة من حرائق الغابات في جزيرة ماوي من ولاية هاواي الأمريكية، وقد تسببت هذه الحرائق في نزوح المتساكنين إلى مناطق آمنة، وقد أوْدت بحياة أكثر من 100 شخص في بلدة لاهينا. ويجدر الإشارة إلى أن سلسلة هذه الحرائق هي نتيجة للمناخ الجاف، كما أنها ناتجة عن اختلال نظام الضغط العالي شمال جزر “هاواي” واجتياح إعصار “دورا” في الجنوب.
وبالتالي فإن المساحات التي أتت عليها النيران في هاواي قد تضاعفت بمعدل أربع مرات. ومنذ اندلاع الحرائق في “ماوي” فإن 20% من المقاطعة كانت تعاني من الجفاف المعتدل، و15% تحت وطأة الجفاف الشديد. إلى جانب تسجيل نقص في هطول الأمطار في الفترات الأخيرة وهو ما يتوافق مع إحصائيات الاحتباس الحراري في جزر هاواي، وفقًا لتقييم مرصد المناخ الوطني الأمريكي.
وفي هذا الصدد، قدم رئيس الولايات المتحدة الأمريكية عبر حسابه على تويتر تعازيه إلى عائلات ضحايا حرائق الغابات.
ووفقا للتقرير ترجع الزيادة طويلة المدى في درجة الحرارة العالمية إلى زيادة تركيزات الغازات الدفيئة. فقد وقع التحول من ظاهرة النينيا، التي استمرت من منتصف عام 2020 إلى أوائل عام 2023، إلى ظاهرة النينيو، وقد تطورت بالكامل بحلول سبتمبر 2023.
وظاهرتا النينيو والنينيا هما جزء من ظاهرة الاحترار والتبريد الطبيعي لمياه المحيط الهادئ، وتؤثر كل منهما على أنماط الطقس العالمي بطرق مختلفة.