سليديرمقالات

بالأرقام: أزمة العطش تنتشر في المدارس التونسية

أحلام العامري – كوسموس ميديا

بينما يتأهب العالم لخوض حروب مائية في المستقبل يواجه العديد من الأطفال في المدارس التونسية اليوم الظمأ والعطش إذ لا تتزود عدة مدارس بالماء بتاتا بينما تواجه مدارس أخرى انقطاعات متكررة للمياه.

وكشف تقرير صادر عن قسم العدالة البيئية والمناخية بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن 12 بالمائة من اجمالي المدارس العمومية التونسية، غير مرتبطة تماما بشبكة المياه، وأخرى تعاني من مشاكل في التزود، الأمر الذي عرّض التلاميذ لمخاطر صحية وخيمة، وهو ما يتعارض مع القوانين والاتفاقيات الدولية.

تطال معاناة بعض الجهات في الحصول على الماء، المدارس العمومية وتهدد حق روادها في التعليم وسط ظروف جيدة، معاناة عهدها التونسيون وألف الجميع الحديث عنها حتى باتت سمة ملازمة للمناطق الأقل حظا بالبلاد المهددة بالعطش بسبب الجفاف واستنزاف الموارد المائية والتغيرات المناخية التي يعيشها العالم مع ما يرافقها من آثار عكسية مثل التطرف المناخي.

الانقطاع واحد والاسباب مختلفة؟!

تواجه 2722 مدرسة عمومية واقعة بالمناطق الريفية مشاكل التزود من الماء، فيما لا ترتبط نحو 527 مدرسة ابتدائية عمومية بشبكة المياه بشكل قطعي. وفق تقرير المنتدى الذي كان قد أوضح أن نسبة المدارس المربوطة بشبكة استغلال وتوزيع المياه تبلغ 70 بالمائة.

وكشف التقرير في متنه تعرض 834 مدرسة مرتبطة بالجمعيات المائية للانقطاع المتكرر للمياه بسبب مشاكل هيكلية ومالية تعاني منها أغلب هذه الجمعيات.

ورغم أن أزمة العطش بالمدارس العمومية موجودة منذ القدم إلا أنها تفاقمت مع مرور الوقت بفعل الشح المائي الذي نشهده اليوم، إذ تصنف تونس ضمن قائمة الدول التي تقع تحت خط الفقر المائي إذ يستهلك الفرد الواحدة 420 متر مكعب من الماء بحسب التقرير الوطني للمياه لسنة 2021.

في المقابل لم يحمّل، مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحقوق الإنسان في الحصول على مياه الشرب المأمونة وخدمات الصرف الصحي “أرخو أوغودو”، الشح المائي في تونس مسؤولية العطش بل أقرّ أن “ندرة المياه لا تبرر عدم الامتثال لحقوق الانسان”، منبها الحكومة التونسية إلى إيلاء الأولوية لتوفير “مياه الشرب مع الاحتفاظ بأعلى جودة مياه متاحة بغض النظر عن مدى الربح الذي قد تحققه استعمالات أخرى”.

المعاناة تشتد بإقليم الوسط

لئن تشاركت جميع الولايات معاناة العطش وتقاسمت مشقة ورود الماء، فإن شدة المعاناة تتباين فيما بينها حيث تتقلص وسط المدن الأكثر حظا وتشتد داخل الوسط الريفي والمناطق الأكثر فقرا.

وأفاد تقرير المنتدى المشار إليه في هذا السياق، بأن 117 مدرسة بسيدي بوزيد من إجمالي 322 مدرسة غير مرتبطة بشبكة المياه قطعا، فيما لا تتزود 48 مدرسة بولاية القيروان بالماء، ويرتفع هذا الرقم في ولاية القصرين ليبلغ 95 مدرسة من جملة 308 مدرسة.

وجاء في التقرير أن “ولاية القصرين تتصدر باقي الولايات من حيث معدل الفقر وهي نفس الولاية التي مدارسها الأقل ربطا بالماء، مقارنة بالمدارس العمومية في تونس الكبرى والشريط الساحلي، أين تتراوح نسبة الربط بين 99 بالمائة و100 بالمائة أين تكون معدلات الفقر هي الأقل على المستوى الوطني”.

وقد عمّق التوزيع المتفاوت للموارد المائية بين الأقاليم الفارق بين المناطق في التمتع بحق الحصول على مياه صالحة للشرب مأمونة ونقية. فبينما يستحوذ إقليم الشمال على 60 بالمائة من الثروة المائية بالبلاد وعلى وجه التحديد 81 بالمائة من المياه السطحية، يحظى اقليم الوسط بـ 14 بالمائة فقط من المياه السطحية و27 بالمائة من المياه الجوفية، وفي المقابل يحتوي إقليم الجنوب على 5 بالمائة من الموارد المائية السطحية و43 بالمائة من المياه العميقة. وذلك بحسب نشرية سابقة للمنتدى نشرت في ديسمبر 2022 تحت عنوان “أزمة المياه في تونس”.

وقد اعتبر تقرير المنتدى السنوي الصادر خلال شهر جانفي المنقضي، أن التباين بين الجهات على مستوى النفاذ إلى الماء هو تجلٍ واضح لانعدام العدالة الاجتماعية، كما هو مؤشر خطير يهدد حق تلاميذ الجهات الأقل حظا، في التعليم، ويخلق فوارق اجتماعية وتمييزا بين التلاميذ.

زر الذهاب إلى الأعلى