سليديرمقالات

بعد عرض الفيلم الوثائقي الاستقصائي “الأحمر”: نقاش مثير واهتمام كبير بقضايا البيئة والثروات البحرية المهدورة

نجح الوثائقي الاستقصائي البيئي “الأحمر”، الذي تم عرضه بفضاء دار الثقافة ابن رشيق يوم الجمعة 29 أكتوبر 2023، في تسليط الضوء على قضية مهمة وحساسة تتعلق بتهريب المرجان عبر مسارات غير قانونية بين تونس وإيطاليا مرورا بالجزائر.

ويعتبر هذا الفيلم الوثائقي إسهامًا هامًا في تتبع مسار المرجان الأحمر من الإنتاج في أعماق البحار في مدن تونسية في بنزرت وطبرقة والحدود التونسية الجزائرية البحرية وصولا إلى مرحلة التصدير والتصنيع في إيطاليا، وهو موضوع ذو أهمية بيئية كبيرة، حيث يسعى إلى الكشف عن شبكات تهريب دوليّة تساهم في استنزاف هذه الثروة الحيوانيّة البحريّة بما يمسّ من التنوع البيولوجي البحري في منطقة المتوسط.

ولم يكن هذا الفيلم الوثائقي مجرد فرصة للتوعية بقضية تهريب المرجان بل أيضًا مناسبة للتفكير في الحلول المستدامة والتعاون الإقليمي والدولي لحماية البيئة البحرية والحفاظ على التنوع البيولوجي، من خلال عديد الجوانب التي تم العمل عليها على غرار الصورة والنص والبحث بالاعتماد على فريق متكامل بالتعاون بين المنصة الإعلامية البيئية كوسموس ميديا وشبكة صحافة الأرض.

شغف يصنع الفارق…

وترى مخرجة “الأحمر” الصحفية مبروكة خذير في هذا الإطار، أن شغف الصحفي بمهنته هو الذي يصنع الفارق وهو ما برز في هذا الوثائقي خاصة وأنه تضمن مقاطع تم توثيقها باعتماد تقنيات صحافة الجوال لتجاوز كل العقبات التي يمكن أن تحول دون نقل الصورة والحقيقة كما هي، قائلة: تقريبا ثلث المادة المصورة في الفيلم كانت باعتماد الهاتف المحمول وقد تم توثيق الرحلة بين المطارات أيضا باعتماد الهاتف الذكي”.

واعتبرت أن الوثائقيات تلامس المتلقي لأنها تحكي قصصا قريبة منه واصفة إياها بـ”فن معايشة الناس”، مشيرة إلى تطور الاهتمام بهذا الصنف من الأفلام الذي يجمع بين التوثيق والاستقصاء، وهو ما يفرض وجود روح الصحفي، بالتضافر مع بقية التقنيات والاختصاصات المتعلقة بميدان السينما، وفق تقديرها.

وانطلقت فكرة إنتاج وثائقي استقصائي بيئي يغوص في ثنايا تهريب المرجان الأحمر التونسي والصيد العشوائي لهذه الثروة المهدورة من خلال مشاركة الصحفية مبروكة خذير في العمل على تقرير صحفي قصير مع الصحفي الألماني يان فيليب شولز حول المرجان التونسي لفائدة شبكة صحافة الأرض، وهو ما جعلها تدرك أن الموضوع يتطلب الاستقصاء والغوص أكثر في

شعاب هذه القضية، وقد آمنت الشبكة بالفكرة وانخرطت في العمل عليها.
ويأتي فيلم “الاحمر ” في إطار سلسلة من التحقيقات المكتوبة والمصورة التي تعمل على إنتاجها مبادرة الإعلام المتوسطي لشبكة صحافة الأرض والتي تقوم فيها بأبحاث الجريمة العابرة للمحيطات وتشرف على البرنامج الخبيرة منى سماري.

تحديات مثمرة…

هذا ويقول مخرج “الأحمر” رشدي خذير إن العمل على هذه القضية المهمة كان تحديًا كبيرًا، إذ مرّ بعديد المراحل وتطلّب جهدا أكبر في كل مرة، حيث عرف التصوير والمونتاج تحويرات متتالية كانت تفرض نفسها كلما تم اكتشاف حيثيات جديدة تخدم الاستقصاء الذي سعى وراءه العمل، حتى أنه شبّه قضية تهريب المرجان الأحمر التونسي التي كشف عن مساراتها الوثائقي الاستقصائي بقضايا تهريب الممنوعات والمخدرات، وفق رؤيته.

وللإشارة انتهى العرض بفتح باب النقاش مع الحضور من متخصصين بيئيين وأكاديميين وصحفيين، حيث تم التأكيد على أهمية اتخاذ إجراءات جادة لمكافحة هذه الجريمة البيئية والحد من تداول المرجان غير القانوني من منطقة البحر الأبيض المتوسط.

و يتناول الفيلم بالتحليل والتفسير أيضا ظاهرة الصيد العشوائي للمرجان باستعمال ما يسمى “المحراث” الذي يضر كثيرا بالشعاب المرجانية الى جانب تأثيرات التغيرات المناخية على المحيط البحري بما يؤسس لاختلال التوازن الايكولوجي.

كما تجدر الإشارة إلى أن كوسموس ميديا تستعد إلى برمجة عروض أخرى في الفترة القادمة لفيلم الأحمر بهدف التعريف بقضية المرجان أو كما يحلو للبعض تسميته “الذهب الأحمر” الذي تمتد نحوه أيادي الطامعين داخليا وخارجيا، مما يجعله ثروة غير مثمّنة في تونس وتحتاج المزيد من الرقابة والحماية باعتبارها ملك الأجيال القادمة.

للتذكير يعد الفيلم الوثائقي “الأحمر” التجربة الوثائقية الثالثة في مسيرة المخرجة مبروكة خذير ومنصة كوسموس ميديا المتخصصة في الإعلام والانتاجات التي تغوص في قضايا ومواضيع بيئية، حيث تم إنتاج فيلمين سابقا في نفس التوجه، الأول بعنوان “شباك النفط” والثاني بعنوان “عرجون البقاء”.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى