مبروكة خذير – كوسموس ميديا – داكار، السنغال
في ظل التحديات الاقتصادية والبيئية المتصاعدة التي تواجه الدول الأفريقية، يبرز التعاون والتكامل الإقليمي كعنصر حيوي لضمان الأمن الغذائي والتنمية المستدامة.
في عاصمة السنغال، داكار، وفي إطار فعاليات منتدى أنظمة الغذاء الأفريقية، أجرى فريق كوسموس ميديا حواراً حصرياً مع عز الدين بن الشيخ، وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري التونسي.
شارك الوزير بن الشيخ في المنتدى لتعميق تجربة التعاون البناء بين تونس والسنغال، إلى جانب تبادل الخبرات مع الدول الأفريقية الأخرى، سعياً لترسيخ قاعدة تعاون متينة تدفع قاطرة التنمية الزراعية في القارة.
يعتبر منتدى أنظمة الغذاء الأفريقية منصة استراتيجية تجمع بين صناع القرار، السياسيين، والخبراء لمناقشة تحديات وفرص منظومة الغذاء في إفريقيا. ويهدف المنتدى إلى صياغة سياسات فعالة تعزز الأمن الغذائي وتدعم التكامل الزراعي والاقتصادي بين الدول الأفريقية، بما يضمن تحسين مستوى معيشة شعوب القارة.
تونس، باعتبارها دولة تقع في منطقة شمال أفريقيا وحوض البحر المتوسط، تسعى من خلال مشاركتها الفعالة في هذا المنتدى إلى تعزيز دورها القيادي في تحديد سياسة غذائية قارية، مستفيدة من خبراتها الطويلة ورؤيتها الاستراتيجية في القطاع الزراعي.
في حديثه مع كوسموس ميديا، أكد الوزير بن الشيخ أن التعاون الأفريقي ليس خياراً بل ضرورة حتمية، مشدداً على أن “النجاح أو الفشل في منطقتنا مرتبط و مشترك بين جميع الدول الأفريقية”. وأضاف أن التعاون الحقيقي يُعد السبيل الوحيد لتحقيق تنمية مستدامة وأمن غذائي متين، معتبراً أن التعاون لا يجب أن يظل شعارات بل يتحول إلى شراكات جادة وفعالة.
عز الدين بن الشيخ، وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري: تونس تواجه نقصاً مزمنًا في الموارد المائية، في حين تمتلك بعض الدول فرصة فائضة من هذه الموارد، مما يفتح آفاقاً واسعة لتعزيز التعاون الاستراتيجي في مجال المياه بين الدول الأفريقية”
وأشار عز الدين بن الشيخ، وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري التونسي إلى أن الهدف الأسمى هو ضمان أمن الغذاء لجميع الأفارقة، وأن تونس لا تنظر إلى نفسها أو إلى أي دولة أفريقية على أنها سوق تكامل فقط، بل تسعى إلى تفعيل تعاون معمق ومتعدد الأبعاد مع جميع الأشقاء الأفارقة. وأوضح وجود فرص كبيرة للاستفادة من الإمكانات الزراعية والمائية المتنوعة في القارة، مؤكداً أهمية تطوير البنية التحتية الزراعية والمائية الحالية لتعزيز الإنتاج وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
وقال الوزير إن تونس تواجه نقصاً مزمنًا في الموارد المائية، في حين تمتلك بعض الدول فرصة فائضة من هذه الموارد، مما يفتح آفاقاً واسعة لتعزيز التعاون الاستراتيجي في مجال المياه بين الدول الأفريقية. وأبرز أن القارة الإفريقية تزخر بمساحات زراعية واسعة وموارد طبيعية لم تُستغل بالشكل الأمثل، مما يستلزم استثمار هذه الإمكانات بشكل أفضل لتحقيق الاكتفاء الغذائي وتوفير فرص للرفاه الاقتصادي.
كما تحدث بن الشيخ عن تجارب التعاون الأكاديمي بين الجامعات التونسية والسنغالية، مؤكداً أن هذه المبادرات تعزز الروابط بين الشباب الأفريقي وتخلق فرصاً لتبادل المعرفة والابتكار. وأكّد أن اللقاءات مع دول مثل مالي، بوركينا فاسو، ورواندا أسفرت عن نتائج إيجابية تعكس فاعلية التنسيق المشترك.
وذكر الوزير أن هناك دولاً متخصصة في إنتاج سلع غذائية حيوية مثل القمح، الأرز، والقهوة، مشيراً إلى أن تونس تستورد العديد من هذه المواد من السنغال، ما يبرز دور الشراكات الاقتصادية في تقليل التكاليف المالية وتحسين سلاسل التوريد. وأكد أن توجيه هذه الصادرات نحو الأسواق التونسية سيضمن استقراراً أكبر للأسواق ويحسن من قدرة الدول الأفريقية على تلبية احتياجاتها الغذائية.
وعند الحديث عن توسيع آفاق التعاون، أكد عز الدين بن الشيخ، وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري التونسي إيمانه بقدرة القارة الأفريقية على تعزيز التجارة مع دول خارج القارة، مثل المملكة المتحدة التي تتمتع بخبرات واسعة في إنتاج المنتوجات الزراعية والطاقة المتجددة. ولفت إلى ضرورة اعتماد سياسات غذائية تراعي خصوصيات كل مجتمع، مشدداً على أهمية المفاوضات مع الولايات المتحدة وشركاء أفارقة لوضع معايير مشتركة تهدف إلى تحقيق أمن غذائي حقيقي ومستدام.
وأشار إلى محدودية الاعتماد فقط على الشركاء الأوروبيين، معتبراً أن أفريقيا بحاجة إلى تنويع شراكاتها التجارية والاستثمارية لتحقيق شبكات إمداد مستقرة ومتينة. واختتم الوزير حديثه بالتأكيد على أن القارة الأفريقية تضع أمنها الغذائي على رأس أولوياتها وتسعى لإيجاد تفاهمات تجارية متعددة الأطراف تمكن من تطوير الإنتاج الغذائي وتسهيل التبادل التجاري بما يصب في مصلحة التنمية المشتركة.
من خلال هذه الرؤية المتكاملة، يؤكد وزير الفلاحة التونسي أن التعاون الأفريقي سيظل حجر الأساس لتحقيق الأمن الغذائي والتنمية الزراعية ضمن رؤية مستدامة تعزز من استقرار المجتمعات وترسخ مكانة إفريقيا على خارطة الأمن الغذائي العالمية.