تعتبر المرأة التونسية عنصرًا حيويًا في مجال الاقتصاد الأخضر، حيث تلعب دورًا محوريًا في تعزيز الاستدامة البيئية وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة. إن مشاركتها الفعالة في هذا المجال لا تقتصر على كونها رائدة أعمال فحسب، بل تشمل أيضًا مساهمتها في الابتكار وتطوير الحلول المستدامة التي تتماشى مع التحديات البيئية. من خلال الانخراط في مشاريع تهدف إلى تحسين كفاءة استخدام الموارد وتقليل النفايات، تسهم النساء في بناء مجتمع أكثر مرونة وقدرة على التكيف مع التغيرات المناخية.
علاوة على ذلك، فإن تمكين المرأة في الاقتصاد الأخضر يعزز من قدرتها على مواجهة الفقر والبطالة، مما يساهم في تقليص الفجوات الاجتماعية والاقتصادية. إن دعم ريادة الأعمال النسائية في هذا السياق ليس فقط خطوة نحو تحقيق المساواة بين الجنسين، بل هو أيضًا استثمار في مستقبل مستدام لتونس، حيث يمكن للنساء أن يكنّ محركات رئيسية للتغيير الإيجابي في مجتمعاتهن.
وفي خطوة تهدف إلى تعزيز دور النساء في الاقتصاد، نظم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع وزارة الاقتصاد والتخطيط، وبمساندة سفارة كندا، مؤتمرًا وطنيًا حول ريادة الأعمال النسائية. جاء هذا المؤتمر ليؤكد على أهمية النساء كعناصر فاعلة في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، خاصة في ظل التحديات المناخية المتزايدة التي تواجه البلاد.
على الرغم من أن النساء يمثلن نصف السكان في تونس، إلا أن نسبة النساء الناشطات اقتصاديًا لا تتجاوز 27.9%، مما يعكس الفجوة الكبيرة في المشاركة الاقتصادية. كما أن نسبة البطالة بين النساء تصل إلى 21.3%، وهي أعلى بكثير من نسبة البطالة بين الرجال التي تبلغ 13.6%. هذه الأرقام تشير إلى أن النساء غالبًا ما يشغلن وظائف هشة، مما يجعلهن أكثر عرضة للأزمات الاقتصادية والمناخية.
تتأثر تونس بشكل كبير بالتغيرات المناخية، حيث تشير التقديرات إلى أن هذه التغيرات تؤثر على الاقتصاد بنسبة 2.1% من الناتج المحلي الإجمالي. كما أن الاعتماد على واردات الطاقة يصل إلى 50%، مما يجعل الانتقال نحو اقتصاد أخضر وشامل أولوية ملحة. تواجه البلاد تحديات مناخية مثل فترات الجفاف الطويلة وارتفاع درجات الحرارة، مما يؤثر بشكل خاص على قطاع الزراعة الذي يمثل فيه النساء حوالي 70% من القوة العاملة.
خلال المؤتمر، تم تسليط الضوء على أهمية تطوير ريادة الأعمال النسائية كجزء من السياسات العامة لتحقيق الانتقال نحو نموذج اقتصادي شامل ومستدام. وقد أطلق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي برنامج “المرافقة خضّرها 2.0″، الذي يهدف إلى دعم 350 امرأة من صاحبات المشاريع الصغيرة في تطوير وتنويع مشاريعهن ضمن سلاسل القيم الخضراء.
وأكد السيد لطفي فرادي، رئيس ديوان وزارة الاقتصاد والتخطيط، أن تطوير ريادة الأعمال النسائية يعد رافعة استراتيجية لتونس في مواجهة التحديات البيئية والاجتماعية. كما أشار إلى أن تونس تعترف بالترابط الوثيق بين المناخ والنوع الاجتماعي، حيث تسعى إلى خلق فرص عمل للجميع دون ترك أي فرد خلف الركب.
في ختام المؤتمر، أكدت السيدة سيلين مويرود، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، على التزام البرنامج بدعم تونس في تحقيق انتقال بيئي شامل ومستدام، مشددة على أن التمكين الاقتصادي للمرأة يمثل أولوية خاصة في مواجهة الأزمات المناخية.
إن تعزيز ريادة الأعمال النسائية في تونس ليس مجرد هدف اقتصادي، بل هو خطوة نحو تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة، مما يساهم في بناء مجتمع أكثر مرونة وقدرة على التكيف مع التغيرات المناخية.