سليديرمقالات

في اليوم العالمي للتصحر: هل تفقد تونس أرضها تحت أقدامنا؟

في 17 جوان من كل عام، يُحيي العالم اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف. مناسبة أممية تهدف إلى تسليط الضوء على واحدة من أخطر التحديات البيئية والإنسانية في القرن الحادي والعشرين. لكن في تونس، هذا اليوم ليس مجرد شعار… بل واقع يزداد قساوة.

من واحات الجنوب التي تنسحب أمام الرمال، إلى أراضٍ فلاحية بالشمال تفقد خصوبتها، يزحف التصحر على الأرض التونسية بصمت، حاملاً في طيّاته تهديدًا مزدوجًا للأمن الغذائي والإجتماعي.

أرقام تثير القلق

وفقًا لبيانات رسمية و تقارير بيئية كشفتها وزارة البيئة، أكثر من 75% من الأراضي التونسية مهددة بدرجات متفاوتة من التّصحر، في ظلّ تراجع خطير في نسبة الغطاء النباتي وتدهور التربة.
وفي ظل ندرة المياه و تواتر فترات الجفاف، أصبحت مناطق بأكملها عاجزة عن الإنتاج الزراعي المستدام، مما يدفع السكان نحو الهجرة الداخلية أو التخلي عن أراضيهم خاصة بمناطق الوسط و الجنوب .

و تشير الارقام أيضا الى أن 41% من سطح اليابسة متأثر او معرّض للتّصحر مما يؤثر على حياة اكثر من3,2 مليار شخص حول العالم.
كما يقدر حجم الاراضي المتدهورة عالميا بين 15 و 60 مليون كيلومتر مربع و يعيش حوالي ملياري شخص في ارض جافة معرضة لخطر التّصحر.

الأسباب متعددة… لكن النتيجة واحدة

التّصحر في تونس لا يعود فقط إلى الجفاف الطبيعي، بل هو نتيجة تفاعل معقّد بين العوامل المناخية والبشرية
الإحتباس الحراري و إرتفاع درجات الحرارة و الإستغلال المفرط للموارد كالزراعة العشوائية و الرعي الجائر و قطع الأشجار و كابوس الحرائق المتكرر، إلى جانب سوء التّخطيط العمراني و توسعه وضغط الأنشطة الصناعية ، فضلا عن ضعف سياسات التهيئة والتّصدي لتدهور الأراضي .

من الجنوب إلى الشمال… الأرض تتغير

في الجنوب التونسي، تقلّصت المساحات الواحية بشكل ملحوظ خلال العقد الأخير بسبب التملّح والجفاف. وفي الشمال الغربي، تراجعت الأراضي الصالحة للزراعة بشكل تدريجي نتيجة التعرية وغياب التقنيات الوقائية.
وفي المناطق الساحلية، يتسبب التمدد العمراني في اقتلاع الأراضي الفلاحية الخصبة.

بين الألم والأمل

رغم التحديات، لا تخلو الساحة من مبادرات محلية وجهوية تسعى إلى التصدي للتصحر، مثل
مشاريع التشجير واستعادة الغطاء النباتي.
و الممارسات الفلاحية البيئية في بعض الضيعات النموذجية و نأخذ على سبيل المثال ضيعة حمران للعيش المستدام بمدينة عين دراهم .
إضافة الى جهود المجتمع المدني في التوعية والتحسيس.

اليوم، ونحن نحتفل باليوم العالمي للتصحر، لا نملك ترف الانتظار. التصحر ليس مجرد قضية بيئية، بل هو قضية سيادة، وعدالة، و إستقرار  إجتماعي.

إنّ إنقاذ الأرض من التّدهور مسؤولية جماعية تبدأ من السياسات وتنتهي عند سلوكنا اليومي. لأن من يفقد أرضه… يفقد جذوره.

رجاء الدريدي / كوسموس ميديا 

زر الذهاب إلى الأعلى