مقالات

طُفيليات خفية في أعماق البحار: تهديد مزدوج للكائنات البحرية وصحّة المستهلك

في أعماق البحار، حيث الحياة البحرية تزخر بالتنوع البيولوجي، تختبئ طُفيليات خفية لا تُرى بالعين المجردة، لكنها تحمل تأثيرات هائلة على التوازن البيئي وصحة الإنسان.

إنها الطفيليات البحرية، تلك الكائنات التي تتسلل إلى أجساد الأسماك والكائنات البحرية، لتتغذى على دمائها أو أنسجتها، مسببة أمراضًا قد تهدد حياتها. والأسوأ من ذلك، أن بعضها يشق طريقه إلى موائد المستهلكين، ناقلًا العدوى والمخاطر الصحية.

سنحاول في هذا المقال التعرف إلى أنواع الطفيليات وعوامل انتشارها و أضرارها على صحة الكائنات البحرية و صحة المستهلك.

الطفيليات البحرية و أنواعها

الطفيليات التي تصيب الكائنات البحرية تنقسم إلى عدة أنواع، منها الديدان الشريطية (Cestodes) والديدان الأسطوانية (Nematodes) مثل Anisakisوالديدان المثقوبة (Trematodes)والقشريات الطفيلية (مثل Lernaea وIsopods)).

و في هذا السياق أوضحت الباحثة في الإيكولوجيا البحرية،منى الإمام أن الشريطيات (Les cestodes )من بين أكثر هذه الطفيليات شيوعًا، التي تستوطن عادةً أمعاء الكائنات البحرية، وقد تتسبب في تشوّهات جسدية تؤثر سلبًا على خصوبة هذه الكائنات، كما تعيق قدرتها على التغذي، مما قد يؤدي في نهاية المطاف إلى نفوقها.

وتُعدّ القروش بيئة مثالية لبعض الطفيليات بسبب تغذيتها على أنواع متعددة من الكائنات، مما يفتح الباب لتعرضها لطفيليات متنوعة تنتقل عبر السلسلة الغذائية.

عوامل إنتشار الطفيليات

و في ما يخص عوامل انتشارها تشير الباحثة إلى أن هذه الطفيليات قادرة على التكيف مع مختلف الظروف، وتزداد معدلات تكاثرها في البيئات الملوثة.فالتلوث البحري وانخفاض جودة المياه يؤديان إلى زيادة ضعف الكائنات البحرية، ما يجعلها أكثر عرضة للإصابة بالطفيليات. كذلك، الصيد الجائر وتدهور المواطن الطبيعية يسهمان في كسر التوازن البيئي، ويؤديان إلى انفجار أعداد بعض الطفيليات على حساب الأنواع الأخرى

 الطفيليات وصحة المستهلك: الخطر في الطبق

ولا تقتصر أضرارها على الكائنات البحرية فقط، بل قد تنتقل إلى الإنسان أيضًا، مسببةً اضطرابات معوية خطيرة، قد تصل في بعض الحالات إلى الوفاة.

عندما يتم استهلاك كائنات بحرية ملوثة بالطفيليات، خصوصًا غير المطهية جيدًا، قد يؤدي ذلك إلى مشاكل هضمية حادة مثل الغثيان والقيء والإسهال و التهاب الأمعاء الحاد وفي حالات نادرة تؤدي الى الموت.

وقد سجلت منظمة الصحة العالمية مئات الحالات سنويًا حول العالم لعدوى ناتجة عن استهلاك أسماك نيئة أو غير مطهوة جيدًا، خصوصًا في الدول التي تنتشر فيها مطاعم السوشي.

الطفيليات البحرية ليست مجرد تفاصيل مخفية في عالم المحيط، بل هي مؤشر بيولوجي دقيق على صحة المنظومة البيئية. وبينما تواصل القروش وغيرها من الكائنات صراعها الصامت ضد هذه الكائنات المتطفلة، يبقى التحدي الأكبر في حماية صحة الإنسان، وضمان سلامة ما يصل إلى موائده من خيرات البحر. فحماية الكائنات البحرية من الطفيليات، هي أيضًا حماية لنا.

رجاء دريدي / كوسموس ميديا 

زر الذهاب إلى الأعلى