سليديرمقالات

جهود غير كافية لمواجهة تغير المناخ في البحر الأبيض المتوسط

كوسموس ميديا في مواكبة لقمة المناخ

مبروكة خذير /كوسموس ميديا

أصدرت شبكة خبراء المتوسّط حول التغيّر المناخي والبيئي (MedECC) تقريرًا خاصًا حول المخاطر الساحلية المرتبطة بالتغيرات المناخية والبيئية في منطقة البحر الأبيض المتوسط، والذي أعده 55 خبيرًا من 17 دولة.

يهدف التقرير إلى تقييم المعلومات العلمية الحديثة حول المخاطر البيئية وتقديم خيارات للتكيف، بالإضافة إلى دعم تحقيق أهداف التنمية المستدامة. يشير التقرير إلى أن تغير المناخ في المنطقة يحدث بوتيرة أسرع من الاتجاهات العالمية، حيث ارتفعت درجات الحرارة بمعدل 1.5 درجة مئوية مقارنة بعصور ما قبل الصناعة، مع توقعات بزيادة تصل إلى 6.5 درجات مئوية بحلول نهاية القرن إذا لم تُتخذ إجراءات فعالة.

 كما يُبرز التقرير تأثيرات هذه التغيرات على النظم البيئية، بما في ذلك ارتفاع منسوب البحر الذي يهدد البنى التحتية والزراعة، مما يستدعي استجابة عاجلة من صانعي القرار لحماية المجتمعات والتنوع البيولوجي في المنطقة.

في ظل التحديات البيئية المتزايدة، قدمت شبكة خبراء المتوسط حول التغير المناخي والبيئي (MedECC) بالتعاون مع الاتحاد من أجل المتوسط، أحدث النتائج العلمية حول آثار تغير المناخ على المناطق الساحلية في البحر الأبيض المتوسط. جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عُقد في “كوب29” في باكو، أذربيجان، حيث أشار الخبراء إلى أن الجهود الحالية للتخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه لا تزال غير كافية لضمان مستقبل قابل للعيش.

تعتبر منطقة البحر الأبيض المتوسط واحدة من أكثر المناطق تأثرًا بتغير المناخ، حيث يواجه سكانها تحديات كبيرة تتعلق بالأمن المائي والغذائي والطاقة. وقد سلط العلماء الضوء على العلاقة المعقدة بين هذه العناصر الأربعة، مؤكدين على ضرورة اتخاذ تدابير أكثر كفاءة للتكيف والتخفيف في المنطقة.

وفي هذا السياق، أكدت إينيش دوارته، مديرة المشاريع المناخية والبيئية في الاتحاد من أجل المتوسط، على أهمية دعم الانتقال الأخضر كأحد أولويات الاتحاد. حيث قالت: “حان الوقت لقبول أن البحر المتوسط كما نعرفه قد لا يبقى لفترة طويلة إذا استمرت جهودنا لمواجهة تغير المناخ في الفشل“.

منذ عام 2020، عندما أصدرت الشبكة تقرير التقييم المتوسطي الأول (MAR1)، تم تحذير الدول من المخاطر الحالية والمتوقعة نتيجة لتغير المناخ والتدهور البيئي. وقد أشار التقرير إلى أن أكثر من 300 مؤلف خبير قد ساهموا بشكل تطوعي في إنتاج تقارير الشبكة، استجابة لنداءات من العديد من المؤسسات الإقليمية.

تتوافر مجموعة من الأدوات القانونية والسياسية والاقتصادية لتعزيز الاقتصاد الأزرق المستدام والحد من ارتفاع استهلاك الطاقة مع النمو الاقتصادي. ومع ذلك، فإن آثار تغير المناخ تتقاطع مع القضايا الاجتماعية والاقتصادية والبيئية الحالية، مما يتطلب حلولًا تكنولوجية ومجتمعية تأخذ في الاعتبار جميع العناصر المترابطة.

في الختام، يبقى الأمل معقودًا على التعاون الإقليمي والدولي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، ولكن يتطلب ذلك التزامًا أكبر من جميع الأطراف المعنية لضمان مستقبل آمن ومستدام للبحر الأبيض المتوسط وسكانه.

في ظل التحديات المتزايدة التي يواجهها البحر الأبيض المتوسط نتيجة تغير المناخ، تشير التقارير العلمية إلى أن ثلث سكان المنطقة يعيشون بالقرب من السواحل، مما يجعلهم عرضة لمخاطر الفيضانات وارتفاع مستوى سطح البحر. وقد أظهرت الدراسات أن آثار تغير المناخ والتدهور البيئي ستتفاقم في السنوات القادمة ما لم يتم اتخاذ تدابير عاجلة. يتطلب هذا الوضع السياسات العابرة للحدود التي تعزز الحلول المبتكرة، بما في ذلك الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة. كما أن الفيضانات المدمرة التي اجتاحت منطقة فالنسيا الإسبانية مؤخرًا تمثل مثالًا صارخًا على المخاطر المتزايدة التي تواجهها المنطقة.

في هذا السياق، يلعب الاتحاد من أجل المتوسط دورًا حيويًا في تعزيز التعاون الإقليمي، حيث يجمع بين دول الاتحاد الأوروبي و16 دولة من جنوب وشرق البحر الأبيض المتوسط. وقد أشار تقرير التقييم المتوسطي الأول (MAR1) إلى أهمية الدراسات المستمرة في هذا المجال، حيث تسلط الضوء على التحديات الحالية والمستقبلية. من الضروري الآن تعزيز الاقتصاد الأزرق المستدام وتطبيق سياسات فعالة للتكيف مع تغير المناخ، مع تطوير استراتيجيات شاملة تأخذ في الاعتبار الترابط بين الماء والغذاء والطاقة والنظم البيئية.

تواجه منطقة البحر الأبيض المتوسط تحديات بيئية متزايدة تهدد استدامتها، حيث يعيش حوالي ثلث سكانها بالقرب من الساحل، ويعتمد هؤلاء على الأنشطة الاقتصادية والبنية التحتية المرتبطة بالبحر. تشير التوقعات إلى أن النمو السكاني في المناطق الساحلية سيكون أسرع من نظيره في المناطق الداخلية، مما يعرض الأفراد والممتلكات لمخاطر متزايدة بسبب تغير المناخ والتدهور البيئي. في ظل سيناريوهات معينة، قد يتأثر نحو 20 مليون شخص بالنزوح الدائم نتيجة ارتفاع مستوى سطح البحر بحلول عام 2100، مما يهدد أيضاً البنية التحتية الحيوية مثل شبكات النقل والمطارات، حيث تحتضن المنطقة ثلاث مطارات من بين الأكثر عرضة للفيضانات الساحلية على مستوى العالم.

ارتفاع مستوى سطح البحر

يبلغ المعدل السنوي لارتفاع مستوى سطح البحر في البحر الأبيض المتوسط حوالي 2.8 ملم، وهو ضعف متوسط الارتفاع في القرن العشرين. ومن المتوقع أن يصل هذا الارتفاع إلى متر بحلول نهاية القرن الحادي والعشرين. تعتبر منطقة البحر الأبيض المتوسط من بين أكثر المناطق عرضة للفيضانات المركبة، التي ستتفاقم آثارها نتيجة لتغير المناخ والنمو السكاني. تشير التقديرات إلى أن الظواهر المتطرفة لمستوى سطح البحر ستزداد بمعدل 10% على الأقل بحلول عام 2050 و22% بحلول عام 2100 في ظل سيناريو الانبعاثات المتوسطة.

موجات الحر البحرية

تعتبر موجات الحر البحرية من الظواهر المتزايدة التي تؤثر سلباً على البيئة البحرية، حيث زادت وتيرتها ومدتها بنسبة 40% و15% خلال العقدين الماضيين. تؤدي هذه الموجات إلى نفوق جماعي للعديد من الكائنات البحرية مثل الشعاب المرجانية والإسفنج والرخويات، مما يهدد التنوع البيولوجي في المنطقة. ومن المتوقع أن تصبح هذه الظواهر أكثر شيوعًا في المستقبل، مما يستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية النظم البيئية.

التلوث البلاستيكي

تعد منطقة البحر الأبيض المتوسط واحدة من أكثر المناطق تلوثًا بالبلاستيك على مستوى العالم، حيث يمثل البلاستيك نحو 82% من القمامة المرصودة. تشير التوقعات إلى أن تسرب المواد البلاستيكية إلى البحر قد يتضاعف بحلول عام 2040 إذا استمر إنتاج البلاستيك بمعدل نمو سنوي يبلغ 4%. تتسبب الأنشطة البشرية مثل الصناعة والزراعة والسياحة في تفاقم مستويات التلوث، مما يهدد صحة الإنسان والنظم البيئية.

السياحة والموارد المائية

تعتبر السياحة أحد القطاعات الاقتصادية الرئيسية في منطقة البحر الأبيض المتوسط، حيث تجذب حوالي ثلث السياحة العالمية. ومع ذلك، فإن الطلب المتزايد على المياه خلال فصل الصيف يعكس تحديات كبيرة بسبب تغير المناخ والنمو السكاني. تحتاج السياحة إلى التحول نحو ممارسات أكثر استدامة للحفاظ على الموارد الطبيعية وتحقيق التنمية المستدامة.

الحاجة إلى استراتيجيات فعالة

على الرغم من وجود جهود حالية للتخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معها، إلا أن هذه الجهود لا تزال غير كافية لتحقيق الأهداف المرجوة. يتطلب تحقيق التنمية المستدامة عملًا تحويليًا عبر جميع القطاعات والنظم. يجب تعزيز التعاون بين العلماء وصناع السياسات والمجتمعات المحلية لضمان اتخاذ تدابير فعالة عبر الحدود.

إن التحديات البيئية التي تواجه منطقة البحر الأبيض المتوسط تتطلب استجابة عاجلة وشاملة من جميع الأطراف المعنية لضمان مستقبل مستدام للمنطقة وسكانها,

التغير المناخي في البحر الأبيض المتوسط: نحو نهج متكامل لمواجهة تحديات المياه والطاقة والغذاء

أصدر 60 متطوعاً من 15 دولة تقريرًا خاصًا يتناول التغير المناخي وعلاقته الوثيقة بين المياه والطاقة والغذاء، وهو ما يُعرف بنهج WEFE. التقرير، الذي تم تنسيقه من قبل فيليب دروبنسكي (فرنسا)، ومارتا ريفيرا فيري (إسبانيا)، ومحمد عبد المنعم (مصر)، يسلط الضوء على التحديات البيئية التي تواجه منطقة البحر الأبيض المتوسط، والتي تعد من أكثر المناطق تأثراً بتغير المناخ.

التحديات البيئية

يعتبر البحر الأبيض المتوسط منطقة حامية لتغير المناخ، حيث تعاني المجتمعات والنظم البيئية من الهشاشة والأخطار. إن التحديات المتعلقة بالمياه والطاقة والغذاء والنظم البيئية تهدد سبل العيش والاقتصادات، مما يستدعي ضرورة اتخاذ إجراءات فورية. فوفقًا للتقرير، يعاني 180 مليون شخص بالفعل من ندرة المياه، بينما تواجه المنطقة أيضًا مخاطر الفيضانات وتدهور جودة المياه

نهج الترابط

يعتمد التقرير على مفهوم الترابط بين المياه والطاقة والغذاء كإطار شامل لمعالجة هذه التحديات. ويؤكد على أهمية دمج هذا النهج في السياسات العامة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. يشير التقرير إلى أن انعدام الأمن في هذه العناصر هو القاعدة وليس الاستثناء في العديد من دول حوض المتوسط، مما يهدد الاستدامة ويزيد من الفجوات بين الدول والمناطق.

الحلول المقترحة

يستعرض التقرير ثلاث مسارات رئيسية للعمل:

  • الحلول التكنولوجية المبتكرة: مثل الطاقة المتجددة التي يمكن أن تخفف من آثار تغير المناخ.
  • الحلول القائمة على النظام البيئي: مثل الزراعة الإيكولوجية.
  • مناهج الابتكار الاجتماعي: التي تهدف إلى تعديل أنماط الاستهلاك وتعزيز النظام الغذائي التقليدي للبحر الأبيض المتوسط
الحاجة إلى التعاون

تتطلب معالجة هذه القضايا وجود تنسيق فعال بين القطاعات المختلفة وتحسين جودة البيانات المتاحة. كما يشدد التقرير على ضرورة تعزيز القدرات المؤسسية وتطوير آليات تمويل فعالة لدعم السياسات المستدامة

إن التحديات التي تواجه منطقة البحر الأبيض المتوسط تتطلب استجابة شاملة وتعاونية لضمان مستقبل مستدام للأجيال القادمة.

زر الذهاب إلى الأعلى