سليديرمقالات

أسبوع الغابات التونسية: نحو غدٍ أخضر مع 9 ملايين شتلة!

مبروكة خذير/ كوسموس ميديا

افتتح مسؤولون عن وزارتي الفلاحة والتربية، يوم الثلاثاء 19 نوفمبر 2024، أسبوع الغابات التونسية في مدينة العلوم، تحت شعار “غاباتنا تحيا بينا… تونس خضراء بيدينا”.

في أجواء احتفالية ووسط رسالة وجهها أطفال شبكة أطفال الأرض بدأت فعاليات أسبوع الغابات التونسية الذي يتواصل لمدة ثلاثة أيام متتالية .

أُّعطيت إشارة انطلاق أسبوع الغابات التونسية من قبل كل من محمد نوفل بن حاحة مدير الإدارة العامة  للغابات و وزير الفلاحة و الموارد المائية و الصيد البحري و بحضور وزير التربية  نور الدين النوري.

يأتي هذا الحدث في وقت حرج بعد أن شهدت تونس حرائق دمرت 733 هكتارًا من الغابات الصيف الماضي، مما يستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة للحفاظ على هذه الثروات الطبيعية.

وفي تصريح له لمنصة كوسموس ميديا، أكد المدير العام للغابات، محمد نوفل بن حاحة، على أهمية إعادة المنظومات الغابية البيئية في تونس، مشيرًا إلى التحديات الكبيرة التي تواجه هذا القطاع الحيوي.

و قال بن حاحة:”تعتبر الغابات ركيزة أساسية للتوازن البيئي والاقتصادي في البلاد، حيث تساهم في توفير مواطن الشغل وتعزيز التنوع البيولوجي. ومع ذلك، فإننا نشهد تدهورًا مستمرًا في هذه المنظومات نتيجة التغيرات المناخية والحرائق المتكررة التي تلتهم مساحات شاسعة من الغابات كل عام.”

وأشار بن حاحة إلى أن تونس قد فقدت خلال السنوات الأخيرة آلاف الهكتارات من الغطاء الغابي بسبب الحرائق، حيث سجلت التقارير أن 90% من هذه الحرائق تُعتبر مفتعلة.

وأضاف المدير العام للغابات: “إنه من الضروري اتخاذ إجراءات عاجلة لاستعادة هذه المنظومات المتدهورة و نحن نعمل على برنامج طموح يهدف إلى غراسة 9 ملايين شتلة هذا العام، مع التركيز على استعادة المساحات المحروقة.”

كما تحدث بن حاحة عن أهمية التعاون مع المجتمع المدني والشركات الخاصة في هذا المجال، قائلًا: “إن الشراكة مع مختلف الفاعلين هي مفتاح النجاح في جهودنا لإعادة تأهيل الغابات و نحن بحاجة إلى دعم الجميع لضمان استدامة هذه الثروات الطبيعية”

وفي ختام تصريحه لمنصة كوسموس ميديا، أكد بن حاحة أن تونس تسعى إلى وضع استراتيجية جديدة لإدارة الغابات بحلول عام 2050، تتماشى مع أهداف التنمية المستدامة وتحديات التغير المناخي قائلا  “نحن ملتزمون بالعمل على حماية غاباتنا واستعادة المنظومات البيئية لضمان مستقبل أخضر للأجيال القادمة.”

برنامج التشجير الطموح

أعلن وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، عز الدين بن الشيخ، عن برنامج طموح يهدف إلى غراسة 9 ملايين شتلة. يتضمن هذا البرنامج زراعة 6.7 مليون شتلة ضمن المشاريع الوطنية و2.3 مليون شتلة بالتعاون مع المجتمع المدني والشركات الخاصة. كما تم التخطيط لاستعادة 1000 هكتار من المنظومات الغابية عبر البذر المباشر.

أهمية الغابات في تونس

تشير الإحصائيات إلى أن الغابات والمراعي تغطي حوالي 5 ملايين هكتار في تونس، منها 1 مليون هكتار للغابات و4.5 مليون هكتار للمراعي الطبيعية. تساهم هذه الموارد بنسبة 30% في الدخل السنوي للفرد الواحد، وتلعب دورًا حيويًا في تخزين الغازات الدفيئة، حيث تخزن الغابات التي لا يتجاوز عمرها 20 عامًا نحو 1.5 طن من الكربون لكل هكتار سنويًا.

ويتضمن أسبوع الغابات التونسية سلسلة من الندوات التي تناقش مواضيع تتعلق بالواقع الحالي وآفاق المستقبل لقطاع الغابات، بما في ذلك الاستثمار والشراكة مع القطاع الخاص واستعادة المنظومات الغابية.

التربية البيئية أساس لبناء جيل واعٍ ومسؤول

و في حفل افتتاحي لأسبوع الغابات التونسية أكّد وزير التربية، نور الدين النوري، على أهمية مشاركة المدارس في هذه التظاهرة لتعزيز الوعي البيئي لدى الناشئة.

وجاء في تصريح وزير التربية، نور الدين النوري، حديث عن أهمية التربية البيئية كجزء أساسي من المنظومة التعليمية في تونس. وأشار “النوري” إلى أن غرس الوعي البيئي لدى الأطفال منذ سن مبكرة يعد خطوة حيوية لضمان مستقبل مستدام حيث تعتبر التربية البيئية عملية تعليمية تهدف إلى تنمية وعي الطفل بالبيئة والمشكلات المتعلقة بها، وتزويده بالمعرفة والمهارات اللازمة للتفاعل الإيجابي مع محيطه”.

وقال نور الدين النوري: “من خلال تعزيز هذه القيم في المدارس، نعمل على إعداد جيل قادر على مواجهة التحديات البيئية التي تواجه بلادنا والعالم.”وأضاف وزير التربية ” أن التعليم البيئي يساعد الأطفال على فهم أهمية الحفاظ على الطبيعة ودورهم في حماية البيئة”.

كما أوضح الوزير أن التربية البيئية لا تقتصر على المعرفة النظرية، بل تشمل أيضًا المشاركة الفعلية في الأنشطة البيئية مثل زراعة الأشجار وتنظيف المناطق الطبيعية.

التحديات المستقبلية للغابات التونسية

 تواجه تونس تحديات بيئية كبيرة تتطلب استراتيجيات فعالة لإدارة الغابات لذلك يعتزم المسؤولون وضع خطة استراتيجية جديدة بحلول عام 2050 لضمان استدامة هذه الثروات الطبيعية ومواجهة آثار التغيرات المناخية

و يمثل أسبوع الغابات التونسية فرصة لتعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على البيئة والغابات، ويعكس الجهود المبذولة من قبل الحكومة والمجتمع المدني لتحقيق تنمية مستدامة في هذا القطاع الحيوي.

التحديات التي تواجه الغابات التونسية، واقع مؤلم وضرورة التحرك

 تواجه الغابات التونسية اليوم مجموعة من التحديات الكبيرة التي تهدد استدامتها وتنوعها البيولوجي، مما يستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية هذه الثروات الطبيعية.

حرائق الغابات… تهديد مستمر

تعتبر الحرائق أحد أبرز المخاطر التي تتعرض لها الغابات في تونس، حيث تؤدي سنويًا إلى إتلاف آلاف الهكتارات من الغابات والمراعي. تشير التقارير إلى أن أكثر من 90% من هذه الحرائق تُسجل ضد مجهول، مما يعكس ضعف الإجراءات الأمنية والرقابية.

 دمرت الحرائق خلال الصائفتين الماضيتين، نحو 4000 هكتار من الغابات، مما أدى إلى خسائر اقتصادية وبيئية كبيرة.

التغيرات المناخية… تأثيرات سلبية متزايدة

 تؤثر التغيرات المناخية بشكل ملحوظ على الغطاء الغابي في تونس، حيث أدت إلى نقص الأمطار وارتفاع درجات الحرارة. و قد ساهمت هذه الظروف المناخية في فقدان حوالي 60% من الغطاء الغابي، مما يزيد من صعوبة زراعة الأشجار الجديدة ويضعف قدرة الغابات على الصمود أمام الظروف البيئية القاسية.

القطع العشوائي للأشجار…استنزاف الموارد

 يعتبر القطع العشوائي للأشجار أحد الأسباب الرئيسية لتقلص الغطاء الغابي. يعود ذلك إلى التوسع العمراني وزيادة الطلب على الخشب لأغراض متعددة مثل صناعة الأثاث والفحم. هذا القطع غير المنظّم يؤثر سلبًا على التنوع البيولوجي ويزيد من تدهور البيئة.

الرعي الجائر ضغط متزايد على الموارد

 يمثل الرعي الجائر تحديًا آخر، حيث يؤدي إلى تدهور الأراضي والغابات بسبب الضغط الزائد على الموارد الطبيعية. هذا الأمر يساهم في تقليل التجدد الطبيعي للنباتات ويؤثر على الحياة البرية

نقص الموارد البشرية والتقنية…عقبة أمام الإدارة الفعالة

هناك نقص في اليد العاملة المؤهلة والموارد اللوجستية اللازمة لإدارة الغابات بشكل فعال. هذا النقص يعيق جهود التشجير واستعادة المنظومات البيئية المتضررة

التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية: معاناة المجتمعات المحلية

تؤثر التحديات البيئية بشكل مباشر على المجتمعات المحلية التي تعتمد على الموارد الغابية. تراجع الإنتاج من الفلين والأخشاب يؤثر سلبًا على الاقتصاد المحلي ويزيد من معدلات البطالة في المناطق الريفية. في الختام، تتطلب مواجهة هذه التحديات جهودًا متكاملة تشمل التعاون بين الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص لضمان استدامة الغابات وحمايتها من التهديدات المتزايدة.

 إن العمل المشترك هو السبيل الوحيد للحفاظ على هذه الثروات الطبيعية وضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة.

زر الذهاب إلى الأعلى