سليديرمقالات

كوسموس ميديا.. منصة إعلامية تعزز صحافة الإعلام البيئي في تونس 

تحت شعار “على هذه الأرض ما يستحق الحياة” ،احتفلت “كوسموس ميديا” يوم الثلاثاء 14 فيفري 2023، بحديقة النباتات بالبلفدير، بانطلاقها الرسمي كمنصة إعلامية رقمية و الكترونية مختصة في الشأن البيئي وقضايا التنمية المستدامة وذلك بحضور عدد من ممثلي الجمعيات والمنظمات ووسائل الإعلام والمؤسسات والشركات التي تتقاسم مع المشروع الإعلامي الناشئ نفس المبادئ والاهتمامات في المجال.

ودار الحفل في أجواء مميزة خاصة وأنه انتظم بالتزامن مع عيد الحب فكان “عيدا بطعم الطبيعة”، إلى جانب تنظيم معرض للمنتجات الفلاحية بالشراكة مع الاتحاد الوطني للمرأة التونسية، علاوة على دعوة الحاضرين إلى المشاركة في حركة رمزية  لغراسة شجر الخروب الذي يتميز بمقاومته لما تعرفه بلادنا من جفاف سيما خلال السنوات الأخيرة.ز جاءت مرحلة الغراسة بعد فتح باب  النقاش مع عدد من المختصين حول فوائد هذه الشجرة ومميزاتها في علاقة بالتأقلم مع التغيرات المناخية، كما تضمن الحفل عرضا موسيقيا للفنان القدير ياسر جرادي تحت عنوان “عن الفن والحب والطبيعة”.

وقدمت مديرة منصة “كوسموس ميديا ” الصحفية مبروكة خذير نبذة عن ولادة فكرة المنصة الرقمية كمشروع إعلامي متكامل، قائلة إن الفكرة ولدت منذ سنة 2016، مع أكاديمية دويتشه فيله عندما تمت دعوة عديد الصحفيين كخبراء في مجال تطوير الإعلام وطلب منهم صياغة أحلامهم في شكل مشاريع وكان حلم مشروع “كوسموس ميديا ” أحد هذه المشاريع التي تم عرضها و التفكير فيها في ظل حاجة المشهد الإعلامي لصحافة بيئية مختصة تغوص في قضايا البيئة الحارقة.

وأضافت أن الحلم أصبح حقيقة عندما انطلق “كوسموس” كبرنامج إذاعي عبر موجات إذاعة “ديوان أف أم” الخاصة، واستمر على مدى سنتين ليتحول فيما بعد إلى مشروع منصة اعلامية متخصصة في مجال البيئة والتنمية المستدامة، مشيرة إلى أن القائمين على المشروع يطمحون إلى أن يصبح مركزا للإعلام البيئي يجمع ما بين الباحثين والصحفيين والمختصين في المجال.

وشددت مديرة منصة “كوسموس ميديا” الصحفية مبروكة خذير على حاجة المشهد الإعلامي إلى إعلام هادف قادر على الخوض في القضايا البيئية بطريقة متخصصة وعلمية، وبالتالي يستطيع قيادة الرأي العام وخلق وعي جماعي بأهمية هذه القضايا، مشيدة بالمبادرات الموجودة اليوم في الإعلام البيئي ولكنها مازالت للأسف لم تصبح قاعدة في المشهد الإعلامي ككل، حسب تعبيرها.

وفي ختام تقديمها لمشروع “كوسموس ميديا” أشارت الصحفية مبروكة خذير إلى أهمية دعم هذا المشروع وغيره من المشاريع المشابهة من الناحية المادية والمعنوية على حد سواء، حتى تستطيع تحقيق أهدافها على الوجه الأكمل، على غرار خلق محتوى إعلامي يتناول القضايا البيئية بالعمق المطلوب، إضافة إلى تنظيم تظاهرات في المجال مع شركائها من الجمعيات والمنظمات المختصة في مجال البيئة والتنمية المستدامة، إلى جانب العمل على أن يصبح “كوسموس ميديا” ميديا منصة للتسويق للمنتجات الطبيعية.

وفي هذا الإطار، ثمنت رئيسة الجمعية التونسية للزراعة المستدامة ريم المثلوثي وجود منصات إعلامية وصحفيين يؤمنون بالالتزام بقضايا معينة على غرار القضايا البيئية، مشيرة إلى أن 25% من سكان العالم سيتضررون في المستقبل بتأثيرات التغيرات المناخية من شح مياه وزلازل وتصحّر…

وانتقدت المثلوثي السياسات التحريرية لوسائل الإعلام خاصة تلك التي تعتقد أن القضايا البيئية ثانوية وبمنأى عن الاهتمامات اليومية للمواطن التونسي ومستقبل البلاد ككل، مشددة على أن القضايا المتعلقة بالبيئة تمسّ مباشرة أمننا الغذائي وصحتنا وحياتنا عموما وهو ما يستوجب اهتمام الصحفيين بهذه المشاغل كأولوية ملحة لا كمواضيع على الهامش.

ودعما لحديثها عن أهمية الصحافة البيئية، استشهدت الصحفية ورئيسة الجمعية التونسية للزراعة المستدامة ريم المثلوثي بتقرير صادر عن منظمة “مراسلون بلا حدود” كشف عن وفاة 20 صحفيا متخصصا في مجال البيئة خلال السنوات العشرة الأخيرة بسبب كشفهم عن قضايا فساد تتعلق بشركات وبارونات معينة.

من جهته، تحدث رئيس “جمعية أصدقاء كابت بتونس” إدوارد جين عن أهمية التعاون بين نشطاء المجتمع المدني ووسائل الاعلام وبالأساس تلك المختصة في الشأن البيئي، باعتبار أن أهداف الجمعية لا تنحصر فقط في التشجيع على التوفيق بين الزراعة والبيئة والتوعية والتحسيس بالتحديات البيئية القائمة في ظل التغيرات المناخية بل تسعى كذلك إلى تمرير المعلومات عن هذه التحديات والمشاكل الحقيقية إلى الجمهور العريض وذلك لا يتحقق في غياب وسائل إعلام مختصة في المجال.

كما عبرت نائبة رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية والباحثة نجلاء بن ميلود عن فخرها بمبادرة مثل مبادرة “كوسموس ميديا” لأهميتها في التحسيس والتوعية بالمخاطر البيئية القائمة وما لها من تأثير على غذائنا وصحتنا، معبرة عن استعداد الاتحاد الدائم والمستمر في دعم مثل هذه المشاريع والمبادرات، لكن مع ضرورة وجود إرادة سياسية حقيقية في خلق تشريعات والقيام بالمراقبة والمحاسبة في كل ما يتعلق بالجرائم البيئية والتجاوزات الحاصلة في هذا المجال.

ويرى صاحب مشروع الضيعة البيولوجية عبد الباسط الطرفاوي أن المشاريع المسؤولة بيئيا تحتاج لمشاريع إعلامية مشابهة لـ”كوسموس ميديا” لما تتقاسمه معها من مبادئ وقيم بيئية لا بد من الدفاع عنها عن طريق الكلمة الحرة والملتزمة، وفق تقديره.

من جانبها أبرزت ممثلة فضاء العمل المشترك “غرين بوكس” سيرين النويلي، قيمة “العمل المشترك” بين جميع الأطراف التي تتقاسم مبادئ الحفاظ على البيئة، مشيرة إلى أن احتضان فضاء “غرين بوكس” لمشروع “كوسموس ميديا” وفريقه كان نابعا من هذه الرؤية المشتركة القائمة أساسا على ترسيخ ثقافة “البيئة السليمة”.

وكشريكة “لكوسموس ميديا” عبر وكالة الاتصال الرقمي “كومكوا” المتمركزة في نفس فضاء العمل المشترك، عبرت سيرين الفري عن قيمة التعاون بين مختلف الفاعلين في المشهد الإعلامي والاتصالي لإبراز قيمة أي منتوج أو محتوى رقمي عبر وسائل التواصل الاجتماعي خاصة عندما يتعلق الأمر بالمواضيع الهادفة على غرار البيئة.

هذا وشددت ممثلة “أكاديمية دويتشه فيله” سيرين بن سعد على ضرورة دعم مشاريع إعلامية مماثلة لـ”كوسموس ميديا” وهو ما تركز عليه الاكاديمية في استراتيجية العمل الخاصة بها، والقائمة أساسا على مساندة الصحفيين في مختلف الاختصاصات سواء من خلال الدورات التدريبية أو اللقاءات التي تجمعهم بالأطراف المتدخلة في مجالات عملهم.

بدوره، أكد ممثل الشبكة العربية للصحافة العلمية بتونس سيف الله مشاط أهمية عقد الشبكة لشراكات مع الصحافة العلمية المتخصصة والتشبيك مع المؤسسات التي تعمل في فلك الصحافة العلمية ومن بينها البيئة، لافتا إلى أن دور الصحفي الحقيقي يمكن اليوم في التوعية والتحسيس وإيجاد الحلول لخلق صحافة هادفة وعميقة، وهو ما يحتاج عملا مشتركا بين جميع الأطراف بدءا بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار،  حسب تقديره.

يذكر ان “كوسموس ميديا” هو منصة إعلامية الكترونية و رقمية تؤسس لصحافة الحلول التي لا تكتفي بالتغطية الاعلاميّة ونقل الخبر ولكن يصبح فيها الصحفي شريكا في  البحث عن الحلول من خلال التعمّق والاستفادة من تجارب البلدان الأخرى أو من آراء الخبراء وتوصياتهم وايضا من خلال تشبيك العلاقات بين مختلف المتدخلين والسلطات المحلية المعنية بالبيئة من أجل خلق وعي مجتمعي وفهم مشترك للتحديات البيئية إضافة إلى خلق أجواء حوار ناجع لتباحث الحلول الممكنة.ويضم يعتزم فريق عمل “كوسموس ميديا” إنتاج مادة صحفيّة تجمع بين المقالات والتقارير والقصص المصوّرة والبودكاست، بهدف توفير مادة اعلاميّة هادفة تستجيب لكل مشاغله البيئيّة وتتناول بالتحليل والنقاش والتقصي مختلف القضايا والمشاكل البيئيّة التي تكدّر صفو حياته.

و تجدر الإشارة الى ان “كوسموس ميديا” سينتج برنامجا بيئيا مشتركا مع عدد من الإذاعات الجمعياتية في كافة مناطق الجمهورية حتى تعم المعلومة في بث اعلامي موحد من اجل بيئة سليمة و محيط نظيف.

ويتم إنتاج البرنامج البيئي الإذاعي وعلى المنصات الرقمية في إطار شراكة بين “كوسموس ميديا” والاتحاد التونسي للإعلام الجمعياتي من أجل أن يكون  الجميع شريكا في نشر محتوى إعلامي بيئي قصد إنارة الرأي العام.

وتعتمد المنصة على السرد القصصي وتتبع قضايا البيئة عبر عمل ميداني وباستعمال أجناس صحفية متعددة الوسائط

لتغطية كل المواضيع المطروحة في تونس وفي العالم.

زر الذهاب إلى الأعلى