مقالات

المؤتمر الرابع للإعلام العربي: هل ينجح الإعلام العربي في تحالف عربي إعلامي مناخي موحّد؟

مبروكة خذير/بغداد /كوسموس ميديا : إحتضنت العاصمة العراقية بغداد الدورة الرابعة من مؤتمر الإعلام العربي، التي نظّمها إتحاد إذاعات الدول العربية من 20 إلى 24 ماي 2025، برعاية من رئيس مجلس الوزراء العراقي، المهندس محمد شياع السوداني، وباستضافة من شبكة الإعلام العراقي.  وقد شكّل المؤتمر محطة مفصلية في مسار النقاش الإعلامي العربي حول التّغير المناخي، ودور الإعلام كشريك إستراتيجي في مواجهته.

الإعلام العربي في مواجهة التغيرات المناخية

شهد المؤتمر طرحا عميقا لموضوع “دور الإعلام في مواجهة التّغير المناخي”، في وقت باتت فيه التّحولات المناخية تهدد الأمن البيئي والغذائي والصحي، بل والاستقرار الإجتماعي والإقتصادي عالميا، ما يجعل من قضية التّغير المناخي تحديا خطيرا لا يقتصر على الجانب البيئي فحسب.

وقد ركّزت النقاشات على أن الإعلام العربي يقع على عاتقه دور محوري في رفع الوعي البيئي، وتبسيط المفاهيم العلمية، وكشف الممارسات المضرة بالبيئة، وتقديم حلول مبتكرة قادرة على التأثير في الجمهور والحثّ على تغيير السياسات البيئية.

إفتتاح رسمي بمشاركة وزارية ودبلوماسية رفيعة

شهدت الجلسة الإفتتاحية للمؤتمر حضورا لافتا من وزراء وسفراء ومسؤولين من مختلف الدول العربية، إلى جانب رؤساء هيئات إعلامية وممثلين عن منظمات إقليمية ودولية.

وفي كلمته، شدد الدكتور عارف الساعدي، مستشار الشؤون الثقافية وممثل رئيس الوزراء، على أن الإعلام العربي مدعو إلى بناء خطاب بيئي موحد، يعكس نبض المجتمعات ويقود التغيير. ودعا إلى إطلاق تحالف إعلامي عربي مناخي.

من جانبه، أكد الأستاذ كريم حمادي، رئيس شبكة الإعلام العراقي، أن الاستضافة تجسّد انفتاح العراق على محيطه العربي، مشيرا إلى أن الإعلام لم يعد ناقل خبر بل شريك تنموي فاعل في معركة المناخ.

وفي السياق نفسه، شدد محمد بن فهد الحارثي، رئيس اتحاد إذاعات الدول العربية، على ضرورة أن يكون الإعلام صوتا واعيا ومبسّطا للتحديات البيئية، مشيرا إلى أن المناخ لم يعد موضوعاً للمختبرات بل قضية رأي عام.

أما المهندس عبد الرحيم سليمان، المدير العام للاتحاد، فأكد أن التغير المناخي تهديد وجودي، ولا بد من استثمار الإعلام في تعبئة الوعي وتحفيز التحرك الجماعي.

ورش تحضيرية حول الذكاء الإصطناعي والإنذار المبكر

سبق انعقاد المؤتمر تنظيم ورشتين تحضيريتين تمهيديتين، تمحورت الأولى حول “الإنذار المبكر للجميع والتوعية EW4ALL” حيث ناقشت الدور الحيوي الذي يضطلع به الإعلام في إيصال التحذيرات الوقائية والإنذارات البيئية بفعالية إلى الجمهور، بما يسهم في تقليص المخاطر وتعزيز الجاهزية المجتمعية.

أما الورشة الثانية، فجاءت بعنوان “توظيف الذكاء الاصطناعي في إعلام المناخ”، وركزت على استعراض أحدث الآليات والتقنيات الذكية التي يمكن توظيفها في الإعلام البيئي، سواء في تحليل البيانات البيئية الضخمة أو في إنتاج محتوى تفاعلي مبتكر يسهل إيصال المعلومات العلمية الدقيقة إلى مختلف فئات المجتمع، ويعزز من أثر الإعلام في دعم جهود التصدي لتغير المناخ.

محاور المؤتمر العلمية والمنهجية

توزعت أعمال مؤتمر الإعلام العربي في دورته الرابعة على أربعة محاور علمية ومنهجية رئيسية، شكلت الإطار العام للنقاشات والمداولات.

تناول المحور الأول تقييم واقع التغطية الإعلامية لقضايا المناخ في العالم العربي، من حيث المحتوى والأساليب والتحديات.

أما المحور الثاني، فركز على دور الإعلام في التوعية والتثقيف البيئي، باعتباره أداة فاعلة في تشكيل الوعي الجماعي وتحفيز السلوكيات المستدامة.

وناقش المحور الثالث أهمية بناء الشراكات بين وسائل الإعلام والمنظمات البيئية والمجتمع المدني، لتعزيز التكامل في الجهود الهادفة إلى مواجهة التغير المناخي.

بينما سلّط المحور الرابع الضوء على ضرورة تطوير التكوين الإعلامي والتدريب البيئي للصحفيين والعاملين في قطاع الإعلام، لتمكينهم من مواكبة التطورات العلمية والمهارية في هذا المجال.

وقد شهدت الجلسات مشاركة نخبة من الباحثين والخبراء العرب والدوليين، الذين أثروا المحاور بمداخلات نوعية ونقاشات تفاعلية معمّقة.

البيان الختامي: خارطة طريق لإعلام مناخي مسؤول

اختتم المؤتمر ببيان شامل ألقاه رئيس مجلس أمناء شبكة الإعلام العراقي، ثائر الغانمي، بحضور رئيس الشبكة كريم حمادي، ومدير الاتحاد عبد الرحيم سليمان.

وأكد البيان على الدور المحوري للإعلام في مواجهة التغيرات المناخية، داعيا إلى تعزيز التغطيات البيئية، وتبسيط المفاهيم العلمية للجمهور، والتعاون مع الخبراء لتقديم محتوى دقيق.

وشدد البيان على أهمية إدماج قضايا المناخ في السياسات الإعلامية والتعليمية، واستخدام الذكاء الاصطناعي في التحذير من الكوارث، إضافة إلى تشجيع التحقيقات الاستقصائية، والتدريب الإعلامي، وتخصيص جوائز للصحفيين في هذا المجال.

كما تضمّنت التوصيات دعوة الحكومات والمجتمع المدني لتعزيز الوعي البيئي، وتفعيل الشراكات مع المنظمات الدولية، وتنظيم حملات توعوية بمشاركة الشباب، بهدف بناء خطاب إعلامي عربي موحد وفعّال في مواجهة التحديات المناخية.

توصيات للحكومات والمؤسسات الرسمية

دعا البيان الختامي الحكومات إلى إدراج قضايا التغير المناخي في الاستراتيجيات الإعلامية الوطنية، وتسهيل وصول الصحفيين إلى المعلومات البيئية الدقيقة، وتوفير الموارد لتعزيز الإعلام البيئي، وتفعيل نظم إنذار مبكر موحدة على مستوى المنطقة العربية.

كما دعا إلى إدماج التربية البيئية في المناهج التعليمية، وتشجيع البحث العلمي الجامعي في علوم المناخ، واستعمال الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات البيئية، والتنبؤ بالكوارث الطبيعية، إضافة إلى سن تشريعات تنظم العمل الإعلامي المناخي، ومكافحة الأخبار المضللة، وتخصيص حوافز لدعم إنتاج المحتوى البيئي.

توصيات لوسائل الإعلام

أوصى المؤتمر وسائل الإعلام بإنتاج تغطيات متوازنة، مبنية على الأدلة العلمية، وتسليط الضوء على القصص الإنسانية المتصلة بتأثيرات التغير المناخي.

كما دعا إلى تعزيز التعاون مع العلماء والخبراء لضمان دقة المحتوى، وتطوير برامج توعوية واستقصائية، وتنظيم حملات إعلامية مشتركة مع المنظمات البيئية، وتدريب الصحفيين على استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وأدوات تحليل البيانات الضخمة، والالتحاق بأنظمة الإنذار المبكر للدول لضمان إيصال التحذيرات للمواطنين.

وشملت التوصيات أيضا إطلاق جوائز تشجيعية للصحفيين المنتجين لمحتوى بيئي متميز.

توصيات للمجتمع المدني

أما المجتمع المدني، فقد حثّه المؤتمر على تمكين المجتمعات من الوصول إلى المعلومات البيئية من مصادر موثوقة، وتنظيم فعاليات توعوية يشارك فيها الشباب والأطفال، وتسليط الضوء على المبادرات المحلية والحلول المبتكرة، وتعزيز القدرات المجتمعية على التأهب والاستجابة للكوارث البيئية، بالتنسيق مع السلطات المحلية.

كما أوصى البيان بإطلاق جوائز بيئية بالتعاون مع جمعيات المجتمع المدني العربية، وتوفير تمويل لها من قبل المؤسسات البيئية أو ضمن الفعاليات الإعلامية الإقليمية.

زر الذهاب إلى الأعلى