سليديرمقالات

الغابة المقدسة.. بديل إيكولوجي لدفن الموتى؟!

رفيقة الجليدي – كوسموس ميديا – هل أتاك حديث الموت الذي يلوّث الطبيعة؟

“كان هناك نهاية” هو عنوان مجلة أثارت فضولي، لمحتها فوق الطاولة قبالتي فرحت أتقصى ما تحتويه من زوايا أرتبط فيها الموت بالبيئة.

تصفحتها وقرأت الافتتاحية فزاد انجذابي، ففريق التحرير تردّد كثيرا قبل الإقدام على تجربة صحفية تتحدث عن الموت. “تجربة وقحة ومزعجة” رآها البعض “وقد تخيف القراء أيضا”. و”لكننا مازلنا في العشرين من عمرنا ومن المبكر الحديث عن الموت” رأى آخرون.

بأبعادها الفلسفية الطريفة والمخيفة تم إصدار المجلة التي أتصفحها الآن وسأكتفي بالحديث عن أكثر ما شد انتباهي خاصة وأني أحضر الملتقى الدولي للصحافة في مدينة تور الفرنسية ممثلة عن منصة “كوسموس ميديا” البيئية.

ولكن يبدو أن البيئة أيضا محلّ بحث في علاقتها بالموت وجثث الأموات..

في هذا السياق جاء الحديث في مجلة “كان هناك نهاية” عن مبادرة إيكولوجية طريفة وقع الاشتغال عليها وخصصت لها المجلة إحدى صفحاتها.

فعندما يكلّف دفن الموتى في البلدان الأوروبية العائلة مصاريف باهضة ومجهودات كبيرة يفضل البعض حرق جثث ذويهم بدل تكفل عناء الدفن التقليدي المتعارف عليها إذ تشير الأرقام إلى أن خدمات وإجراءات ما بعد الموت تكلف عائلة الميت حوالي 4000 يورو.

وتشير الأرقام التي تطرق إليها المقال إلى أنه تم سنة 2021 حرق 40% من جثث الموتى في مدينة ميتورشولز Mutterscholtz الفرنسية. حرق يراه البعض بديلا ناجعا عن الطريقة التقليدية التي يتطلب دفن الميت فيها صناعة التابوت من أخشاب الشجر وعملية بناء القبو وغيرها من المراسم التي ترهق كاهل العائلات الأوروبية لحظة فقدان ذويهم وزد على ذلك عملية البحث الشاقة عن مكان شاغر في المقابر.

فأما عملية حرق الجثة فهي أيضا مكلفة إيكولوجيا فهي تستهلك قدرا مهما من الطاقة التي أصبحت عزيزة وعملة نادرة للأوروبيين سيما مع الحرب الأوكرانية الروسية التي أثرت على رصيد البلدان الأوروبية من طاقة يتم توريد جزء كبير منها من روسيا.

فالموت إذن من هذا المنطلق ثقيل العبء على الطبيعة كما على مقدرات ذوي الموتى.. الموت إذا مصدر تلوّث.

من هنا جاءت فكرة “العودة إلى الأرض” وذلك بأن افتتحت بلدية مدينة ميتيرشولز “الغابة المقدسة”، ويتمثل مفهوم هذه الغابة في تقديمها بديلا إيكولوجيا عن المقابر.

مقاربة تفيد الاحصائيات فيها بأنه في مجموع 100 شجرة يمكن لكل شجرة ان تستقبل 12 علبة تحوي رماد جثث موتى، أي مجموع 800 شخص يمكن أن يدفنوا هناك.

وفي ذات المقال تطرقت المجلة إلى جدال بشأن مصير الرّماد ووضعه في علب تتحلل في التربة أو أخرى تقليدية يراها البعض أفضل للاحتفاظ برماد جثث ذويهم من الموتى دون اعتبار الجانب الإيكولوجي.

وبين أخذ ورد عن مصير علب الرماد المدفونة بين الأشجار سواء كانت إيكولوجية أو تقليدية، مازال النص القانوني ضبابيا ومزاج الفرنسيين متذبذبا في مدى القبول بمثل هذه الحلول رغم دعم خبراء البيئة والتنمية المستدامة للطابع الإيكولوجي لفكرة العودة إلى الأرض بعد الموت.

زر الذهاب إلى الأعلى