سليديرمقالات

المياه في حالة طوارئ: أي حلول عاجلة تحت عتبة الفقر المائي؟

يعتبر خبراء البيئة والتنمية المستدامة في تونس أن أزمة المياه من الملفات المستعجلة والتي تستلزم حلولا فورية خاصة إثر تراجع منسوب المخزون المائي في مختلف السدود التونسية البالغ عددها 37 سدّا

وقدرت وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري مخزون المياه في مختلف السدود التونسية بنحو 660 مليون متر مكعب فقط ما تسبب في نزول حصة الفرد الواحد إلى أقل من 450 مترا مكعبا سنويا. ويتوقع أن يتنامى الطلب على المياه الى حدود 2,77 مليار متر مكعب في 2030.

وتقول الباحثة في المرصد التونسي للمياه أميمة بوعشيري في إطار الحديث عن حالة الطوارئ المائي إن “الأزمة التي تعيشها تونس اليوم ليست بالجديدة على بلادنا بحكم مناخنا الجاف وشبه الجاف وهو مايفسره وجود عديد المعالم التاريخية مثل الحنايا والفسقية وغيرها من وسائل تجميع المياه.. ولكن الذي تغير اليوم هو تزايد الطلب على “الماء في خضم النمو الديمغرافي وتزايد الاستعمال اليومي للماء ومن ثمة التفاوت الكبير بين العرض والطلب.

تونس تقع تحت خط الفقر

أشارت الباحثة أميمة بوعشيري إلى أن منظمة الصحة العالمية قد حددت خط الفقر المائي بـ500 متر مكعب للفرد بينما يقدر المعدل في تونس بـ400 متر مكعب فقط مما يضع تونس تحت معدل خط الفقر.

كما تحدثت بوعشيري عن دور المرصد التونسي للمياه في تحسيس الدولة بعمق الأزمة خاصة من خلال ما يصلها من شكاوى من المواطنين وأصحاب المشاريع الفلاحية الذين يعانون من الانقطاع المطرد للمياه. وهنا تعتبر الباحثة أن دور المرصد هو تعرية الحقيقة لمراجعة السياسات المائية.

لابد من مراجعة سياسات الحوكمة…

الحوكمة المائية حسب رأي الباحثة بالمرصد التونسي للمياه أميمة بوعشيري أثبتت فشلها في عديد التجارب مثل إحداث مشروع لزراعة الطماطم في منطقة سيدي بوزيد أوالقيروان، حيث نشهد نقصا حادا في المياه الصالحة للشراب وهو دليل واضح على ذلك، خاصة وأن المنتوج معد للتصدير، ولابد في مثل هذه الزراعات من دراسة عديد الجوانب، حيث على سبيل المثال يحتاج إنتاج كيلو واحد من الطماطم إلى 300 لتر من الماء، وفق تغبيرها.

لابد من رؤى جدية والصرامة في تنفيذها

من جهته، يرى الباحث عامر الجريدي الخبير في الشؤون البيئية والتنمية المستدامة، أن الفقر المائي واقع تعيشه تونس اليوم وأن “الخلل ليس في شح المياه بقدر ما هو في الحوكمة، فحظ تونس من التساقطات هو نفسه تقريبا منذ قرون إلى اليوم، إذ هناك امطار في فصول معينة تمتلئ فيها الموائد المائية ثم تأتي فترات جفاف وهكذا دواليك”.

ولذلك يدعو الجريدي إلى ضرورة مراجعة السياسات البيئية ووضع رؤى جدية مع الصرامة في تطبيقها من المؤسسات المعنية، فالرؤى البيئية هي رؤى اقتصادية ولا يمكن أن يكون الاقتصاد قويا إذا كانت البيئة ضعيفة، وفق تقديره.

كما يعتبر الباحث عامر الجريدي أنه لابد من التوعية بخطورة الوضع للمواطن والمستهلك عموما عن طريق وسائل الاعلام حتى تتكاتف الجهود، فدور وزارة البيئة حسب رأيه بقي صوريا وضعيفا خاصة في ما يسمى بالدبلوماسية الخضراء.

البداية بتحديد الأولويات

“لابد من حلول عاجلة”، وحسب الخبير في الشؤون البيئية والتنمية المستدامة عامر الجريدي تنطلق هذه الحلول من رؤية تنموية وسياسة بيئية جديدة وإيجاد حلول بديلة تقوم على حسن التصرف في الموارد المائية المتواضعة، وخاصة لابد من تحديد الأولويات التي يجب الانطلاق منها في المرحلة الراهنة فاليوم مثلا هناك 15 الف هكتار تصحر إما بسبب زحف الرمال أو بالتقدم العمراني، وتساءل الجريدي في هذا الإطار قائلا: “اين الدولة من كل هذا؟”.

مجلة المياه.. متى ستعود؟

دعت الباحثة أميمة بوعشيري إلى ضرورة عودة مجلة المياه التي من شأنها أن تساعد على حسن حوكمة التصرف في المياه والتي تعطل صدورها بسبب تعطل أعمال مجلس النواب.

كما شددت على ضرورة تكاتف الجهود لحل الأزمة بدءا من المواطن الذي يعتبر شريكا مهما في الحفاظ على الماء من خلال الاستهلاك الرشيد بالابتعاد عن التبذير، وصولا إلى الدولة التي من دورها تطبيق سياسات بيئية تحمينا وتحمي الأجيال القادمة، قائلة: “الخطوة الأولى لابد أن تنطلق من وعينا بحساسية الأزمة وتوعية المحيطين بنا حتى نحمي أنفسنا ونحافظ على ثرواتنا الطبيعية”.

تحرير: رفيقة جليدي

زر الذهاب إلى الأعلى