سليديرمقالات

بين شحّ الموارد والحلول المتاحة: سكّان المناطق الداخليّة التونسية عطشى!

أحلام العامري – كوسموس ميديا

يكابد العديد من متساكني المناطق الريفية في تونس عناء الحصول على مياه صالحة للشرب فما عاد الماء عندهم من الحقوق الأساسية بل أضحى خيرا لا يُنال إلا بحظ من المشقة ولا يُعبر إليه إلا على جسر من التعب. فتراهم يشدون رحالهم بإستمرار إلى الآبار يتواردون الماء ويملؤون به قواريرهم لينقلونها فيما بعد على دوابهم.

هذه المعاناة تعمقت اليوم بسبب الشح المائي الناتج عن التغيرات المناخية واستنزاف الموارد المائية، مما أصبح يشكل اليوم “خطرا على الأمن الغذائي” ويهدد البلاد بالعطش.

تونس تحت خط الفقر المائي

تصنف تونس حاليا ضمن قائمة الدول التي تقع تحت خط الشح المائي إذ يقدر معدل استهلاك الفرد الواحد للماء بـ 420 متر مكعب بحسب التقرير الوطني للمياه لسنة 2021.

تعاني عديد المناطق التونسية اليوم من غياب تام للتزود بالمياه الصالحة للشرب فيما تشكو جهات أخرى من الانقطاع المتكرر حيث سجل المرصد التونسي للمياه منذ بداية السنة الجارية، أي خلال شهرين فقط، 134 مشكلة تزود بالمياه على كامل تراب الجمهورية، بينما سجل المنتدى التونسي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية خلال السداسي الأول من سنة 2023 ,131 تحركا احتجاجيا من أجل الحق في الماء.

يأتي ذلك في ظل تراجع معدل التساقطات خلال السنوات الأخيرة من 208.6 مم خلال الموسم 2018- 2019 إلى 165.7 مم خلال موسم 2022-2023. وهنا تجدر الإشارة إلى أن هذا المعدل غير متساوٍي بين الجهات، فبحسب تقرير قسم العدالة البيئية التابع للمنتدى التونسي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية يتراوح متوسط التساقطات السنوي بين أقل من 100 مم في الجنوب إلى 1500 مم في الشمال الغربي”.

تراجع نسبة امتلاء السدود يعمق الأزمة

على صعيد آخر كشفت بيانات التقرير إهدار ما بين 24% و%30 من المياه داخل شبكات الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه,بسبب تقادم الشبكة واهترائها وارتفاع نسبة الترسبات.يأتي ذلك بالتزامن مع فقدان السدود لـ 22 مليون م³ سنويا من قدرتها التخزينية بسبب الترسبات وضعف الصيانة. وخاصة السدود التي تقوم بتوريد المياه الصالحة للشرب مثل سد سيدي البراق.

وقد أثر تراجع مؤشرات الوضع المائي في تونس على نسبة امتلاء السدود والتي انخفضت من 64,7 بالمائة سنة 2019 إلى 22 بالمائة سنة 2022.
وبلغ معدل امتلاء السدود وفق المرصد الوطني للفلاحة إلى غاية يوم 12 نوفمبر 2023، مستوى 22% من طاقتها الجملية أي 524 ألف مليون.

ندرة المياه تهدد الأمن الغذائي

تحتاج تونس لتلبية حاجيتها من الماء 19 مليار متر مكعب بينما تمتلك الآن فعليا 2 مليار متر مكعب فقط، وفق تقرير المنتدى. وبحسب منظمة الأغذية والزراعة العالمية فإن شح المياه يشكل تهديدا على الأمن الغذائي إذ يفرض علينا زراعة المنتجات الغذائية بموارد مائية محدودة. وهو ما يمكن أن يؤثر على مردودية الإنتاج الفلاحي.

وعلى سبيل الذكر لا الحصر، تعاني ولاية المنستير، المنتج الأول للباكورات، من نقص مياه الري مما دفع فلاحي الجهة للدخول في سلسلة من الاحتجاجات والاعتصامات منذ سنة 2018، للمطالبة بإيجاد حلول لهم وتوفير ما يكفيهم من مياه للسقي، وذلك وفق ما أورده تقرير المنتدى الذي بين فيه لجوء البعض من الفلاحين إلى الري بمياه الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه، مشيرا إلى توجه البعض الآخر نحو خلط المياه العذبة بمياه مالحة. بينما خيَّر آخرون التخلي عن مهنة الزراعة.

وللحد من الشح المائي وعملا على تطويق النزوع العالمي نحو حرب مائية عالمية يتجه العالم اليوم للبحث عن حلول جذرية منها تركيز محطات لتحلية مياه البحار ومعالجة المياه المستعملة وإزالة الملوثات منها.

وفي هذا الإطار كانت مديرة جودة الحياة بوزارة البيئة عواطف العربي المسعي قد أكدت في تصريح سابق لكوسموس ميديا، أن تونس تعتمد تقنية معالجة المياه المستعملة منذ سنة 2007، وأنها قامت حاليا “بإعداد مخطط مديري لإعادة إستعمال المياه المعالجة في غضون سنة 2050”.

من جهته أوضح مدير تثمين المياه المعالجة بالديوان الوطني للتطهير ثامر الجوادي، أن تونس تعتمد على معالجة ثلاثية تسمح بإستعمال المياه المعالجة وفقا للمواصفات المتوفرة، وحسب الطلب.

زر الذهاب إلى الأعلى