سليديرمقالات

على هامش اليوم العالمي للمياه: قراءة لوضعية الموارد المائية في تونس وعلى الصعيد الدولي

أمل الصامت – كوسموس ميديا

يحتفل العالم يوم 22 مارس من كل سنة باليوم العالمي للمياه من أجل “تسليط الضوء على أهمية المياه واستلهام الإجراءات الرامية إلى التصدي للأزمة العالمية للمياه”.

تونس كغيرها من بلدان العالم ترتب لعديد التظاهرات بهدف إنجاح أهداف هذا اليوم على الصعيد الوطني، سواء على مستوى رسمي من خلال الوزارات والمؤسسات العمومية المعنية بالشأن المائي أو من قبل المؤسسات الخاصة ومنظمات المجتمع المدني والجمعيات.

تعددت الأساليب والهدف واحد

بمناسبة اليوم العالمي للمياه والذي يتزامن مع اليوم الوطني لترشيد استهلاك المياه، نظمت وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري هذه السنة، يوما تحسيسيا إعلاميا حول ترشيد استهلاك الماء في جميع القطاعات بهدف التأقلم والصمود أمام التغيرات المناخية.

وأشرف على هذا اليوم وزراء الفلاحة والبيئة والصناعة والسياحة والتربية وكاتب الدولة المكلف بالمياه بحضور ثلة من الخبراء في المجال وممثلي المجتمع المدني وعدد من الفنيين وأصحاب الشركات الفلاحية الكبرى وممثلين عن وسائل الاعلام، حيث تم الإعلان عن “خطة ترشيد استهلاك الماء” والتي حددت وفق منشور حكومي صدر يوم 06 مارس 2024، وشملت القطاع العمومي، وهي ترتكز أساسا على تعميم التجهيزات المقتصدة في الماء وجمع مياه الأمطار والصيانة الوقائيّة للشبكات وحفر الآبار وتغيير سلوك المستهلكين للمياه.

كما تهدف خطة الوزارة إلى تعزيز بنيتها التحتية في مجال المياه من خلال إحداث 4 سدود جديدة وهي “سد الدّويميس” و”ملاق العلوي” و”القلعة الكبرى” و”السعيدة”، فضلا عن العمل على تعلية جزء من السدود القديمة، وذلك بهدف الحفاظ على المياه خاصة خلال فترات الوفرة وتفادي ضياعها.

وحسب ما أفاد به وزير الفلاحة عبد المنعم بالعاتي فإنه يتم حاليا العمل أيضا على تنمية مصادر مياه جديدة غير تقليدية كتحلية مياه البحر وإعادة استعمال المياه المعالجة باعتماد منهجية التصرف المندمج في الموارد المائية ودمج استغلال الطاقات المتجددة كوسيلة لتخفيف البصمة الكربونية وتقليص كلفة الانتاج.

وبالشراكة مع مركز البحث والتكنولوجيا في مجال المياه (CERTE)، والتعاون الفني الألماني (GIZ) وجمعية البحوث العملية (REACT)، نظمت مدينة العلوم بتونس، من جهتها، تظاهرة توعوية تثقيفية حول أهمية الماء شملت عديد الفقرات من بينها محاضرات لخبراء ومختصين في مجال المياه وورشات للإطفال وعرض لفيلم وثائقي ومسابقات امتدت من الساعة العاشرة صباحا وإلى غاية الواحدة ظهرا.

وأصدر بدوره البريد التونسي طابعا بريديا بعنوان “البيئة والتنمية المستدامة: المحافظة على الماء” وذلك في إطار التأكيد على ضرورة العمل على ضمان استدامة الموارد المائية وتركيز الجهود نحو الحفاظ على هذه الثروة الطبيعية الثمينة، من أجل ضمان مستقبل مستدام للأجيال القادمة، وفق ما ورد في بيان للبريد في الغرض.

جمعية نوماد 08 والمرصد التونسي للمياه، هما أيضا، أعدّا برنامجا خاصا باليوم العالمي للمياه من خلال ندوة بعنوان “المياه في فلسطين،من التعطيش إلى التهجير”، أثثها خبراء ومختصون وصحفيون من تونس وفلسطين ومصر، كما أصدرا بيانا ركزا فيه على الوضعية المائية لتونس وفلسطين على حد سواء.

ومن بين مجموعة المطالب الموجهة إلى السلطات المعنية، طالب المرصد الوطني للمياه بالإسراع بفتح حوار جدي ومفتوح مع كل أطياف المجتمع لإعداد مجلة مياه جديدة قادرة على تلبية الحاجيات المائية للتونسيات والتونسيين حاضرا ومستقبلا.

من جهته نظم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية فرع القيروان تظاهرة للتحسيس بالحق في الماء وحسن التصرف فيه، من خلال خيمة تحسيسية للمطالبة بالحق في الماء كما ونوعا وجمع التواقيع لإحداث صوناد ريفي، وعرض أفلام وثائقية حول غياب الماء مع معرض لصور فوتوغرافية تم توثيقها خلال الزيارات الميدانية للمنتدى.

هذا وأصدر المنتدى بيانا بعنوان “لا سلم اجتماعي دون توفر الماء” أكد فيه أن أكثر من 650 ألف فرد في تونس مازالوا محرومين من المياه في بيوتهم، حسب تقرير زيارة المقرر الأممي الخاص بالحق في الماء والصرف لتونس سنة 2022، مضيفا أن التجمعات السكنية في المناطق الريفية المعزولة مازالت تفتقر إلى هذا المورد الحياتي حيث يعتمد السكان على المياه المتأتية من المستنقعات والأودية والبرك للإيفاء باحتياجاتهم من الماء مما ينجر عنه مخاطر عديدة تهدد صحتهم.

وهنا أشار البيان إلى أن الحق في الماء يعتبر حقا أساسيا نصّ عليه الدستور في فصله 48 وصادقت عليه تونس في العديد من المواثيق والمعاهدات الدولية، وهو شرط مسبق لإعمال الحقوق الأخرى مثل التعليم والصحة كما أن توفره بكمية كافية وجودة مضمونة هو مؤشر على احترام كرامة الفرد وصون إنسانيته.

ومن المجالات الرئيسية التي يركّز عليها يوم المياه العالمي دعم تحقيق الهدف 6 من أهداف التنمية المستدامة، وهو ضمان توافر المياه وخدمات الصرف الصحي للجميع بحلول عام 2030″، حسب الأمم المتحدة لهذا الاحتفال الذي انطلق أول مرة ببادرة منها منذ سنة 1993.

الواقع في أرقام

في تونس يستفيد من خدمات مياه الشرب التي تدار بطريقة آمنة وفق لحنة الأمم المتحدة للموارد المائية 74% من نسبة سكان الجمهورية موزعين على 77% من سكان المناطق الحضرية و67% بالمناطق الريفية.

ويبين تقرير الأمم المتحدة العالمي عن تنمية الموارد المائية لهذا العام أن الحالة الراهنة لهذه الموارد تجعل العالم في وجه أزمة مياه عذبة متفاقمة، حيث يزداد الطلب على هذه الموارد الثمينة بشكل أسرع من قدرة الطبيعة على تجديدها.

ووفق التقريرالمشار إليه، يفتقر 2.2 مليار شخص حول العالم إلى مياه الشرب الآمنة، فيما يفتقر 3.5 مليار شخص إلى خدمات الصرف الصحي المأمونة.

في المقابل تستحوذ الزراعة على ما يقرب من 70% من المياه العذبة، بينما يشكل الاستخدام المنزلي والصناعي 20% و10% على التوالي.

وتتوقع الأمم المتحدة أن يؤدي تغير المناخ إلى تكثيف دورة المياه العالمية، مما يزيد من وتيرة وشدة الجفاف والفيضانات، مرجحة عدم قدرة العالم على تحقيق أية غاية من غايات الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة.

وبالعودة إلى تونس التي تعاني كغيرها من دول العالم تبعات التغيرات المناخية من جفاف وتراجع في التساقطات وبالتالي شح الموارد المائية، نجد أن التزوّد بالمياه خلال هذه الصائفة أيضا لن يكون سهلا وأن الانقطاعات ستتواصل نظرا لأن المخزون لم يتحسن، حيث بقيت نسبة امتلاء السدود، رغم التساقطات الأخيرة المرتفعة نسبيا عن السنوات الفارطة، في حدود 37 بالمائة وهي نسبة تحت المعدل، وفق ما أكده كاتب الدولة المكلف بالمياه رضا قبوج.

 

 

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى