رجاء الدريدي – كوسموس ميديا
اختتمت السبت 8 جوان 2024، فعاليات النسخة الرابعة من مخيم المناخ بولاية قابس والذي تسهر على تنظيمه حملة “وقف التلوث” التي تضم نشطاء في المجال البيئي.
وتأتي هذه المبادرة تزامنا مع اليوم العالمي للبيئة الموافق لـ 5 جوان 2024، وذلك في ظل التحديات البيئية التي تشهدها المنطقة.
وأفاد ممثل حملة “وقف التلوث” عزيز الشابي في تصريح لكوسموس ميديا بأن هذه التظاهرة تهدف لتكون منصة للتعبير عن الغضب الشعبي من القرارات الحكومية غير المنفذة، مثل قرار غلق المجمع الكيميائي الصادر منذ 29 جوان 2017، بالإضافة إلى معاناة البحارة والفلاحين في قابس.
ويرى محدثنا أن للمخيم هدفا تكوينيا يتجسد من خلال ورش العمل التي تهتم بالمستجدات البيئية والطاقية على غرار ملف الهيدروجين الأخضر والطاقات المتجددة وملف التلوث والتي يشرف على تقديمها خبراء وأساتذة جامعيون وحرفيون من أنحاء تونس، وذلك كخطوة نحو التوعية وتعزيز الوعي البيئي والمشاركة الفعالة.
ورشات علمية هادفة
بالعودة إلى تفاصيل المخيم فقد تميز مخيم المناخ بتنوع فعالياته حيث ضمت ورشات اهتمت بكل جوانب البيئة مثل ورشة تأثير التغيرات المناخية على واحات النخيل التي أشرف على تقديمها الناشط بالمجتمع المدني عاطف عتيقة والذي اعتبر أن ارتفاع درجات الحرارة التي تصل إلى 47 درجة وعدم انتظام هطول الأمطار، أبرز الأسباب التي تزعزع النظام الايكولوجي الواحي وتهدد صحة التمور.
واقترح محدثنا جملة من الحلول لمواجهة التحديات التي تواجهها واحات النخيل والمتمثلة في تبني تقنيات الزراعة العضوية والتقليل من الاعتماد على المواد الكيميائية الضارة واستخدام تقنيات الرّي الحديثة للتقليل من الهدر وتنويع المحاصيل الزراعية لزيادة مقاومة النظام الزراعي للتغيرات المناخية.
الهيدروجين الأخضر وتحدياته
ومن جهته تطرق المهندس والناشط البيئي صابر معموري إلى ملف الهيدروجين الأخضر في تونس وتحدياته.
وأفاد معموري في تصريح لكوسموس ميديا، بأن الهيدروجين الأخضر له تأثير على الموارد الطبيعية كالموارد المائية لأن إنتاجه يتطلب كمية كبيرة من الماء مما يشكل ضغطا على الموارد المائية في تونس في ظل شح المياه والجفاف الذي نشهده، إلى جانب أنه يتطلب مساحات شاسعة من الأراضي مما يهدد الاستخدامات الأخرى للأراضي كالزراعة على سبيل المثال.
مبادرات نحو مستقبل مستدام
إلى جانب النقاشات العلمية، شهد مخيم المناخ 4.0 ورشة فنية تميزت بروح الابتكار والإبداع قدمتها الحرفية كوثر الحوكي التي أعطت حياة جديدة للأكياس البلاستيكية الملقاة من خلال تحويلها إلى خيوط رقيقة زينت بها الحقائب اليدوية والوسائد علّها تساهم من مكانها في التقليل من نسبة التلوث الناجم عن الأكياس البلاستيكية.
وترى الحوكي، حسب ما صرحت به لكوسموس ميديا، أن مشروع تثمين الأكياس البلاستيكية يعدّ بديلا مستداما يساهم في الحفاظ على البيئة، كما يساهم في التقليص من التلوث، ويعزز الوعي بأهمية الحفاظ على المحيط.
وأشارت محدثتنا إلى أنها تسعى دائما من خلال شغفها بالأعمال اليدوية إلى إيجاد نهج قائم على الاقتصاد الدائري للتقليل من النفايات البلاستيكية الملقاة في الطبيعة.
واعتبرت الحرفية كوثر الحوكي أن مشاركتها في مخيم المناخ 4.0 فرصة مميزة لتشارك من خلالها تجربتها مع الشباب وتبيّن لهم كيف أنه من الممكن إيجاد حلول لمجابهة التلوث من خلال المبادرات الفردية.
وللإشارة فقد حازت الحوكي مؤخرا على الجائزة الوطنية بالمعرض الدولي للحرف اليدوية في دورته الأربعين بمعرض الكرم لسنة 2024 كشهادة على التزامها بالاقتصاد الدائري.
التغيرات المناخية والسياحة في الأردن
أهمية السياحة في الأردن والتهديدات المناخية التي يواجهها هذا البلد كانت من بين محاور فعاليات مخيم المناخ 4.0 جيث تم التطرق إلى أبرز التحديات المناخية التي تواجه القطاع السياحي بالمنطقة مع تقديم بعض الاستراتيجيات الوطنية لضمان سلامة السياحة واستدامتها، كرفع مستوى الوعي لدى السياح بضرورة احترام البيئة والثقافة المحلية ودعم الممارسات السياحية التي تقلل من التأثير على البيئة كاستعمال وسائل النقل الصديقة للبيئة.
تظاهرة متعددة الأبعاد
هذه التظاهرة لم تقتصر فقط على الورشات البيئية، بل شملت أيضا ورشة عمل تناولت المفاهيم الرئيسية للنوع الاجتماعي والتواصل غير العنيف، من خلال تنظيم تمرين تفاعلي للمشاركين لمناقشة مواقف وسلوكيات وظواهر اجتماعية وثقافية تتطلب مهارات التواصل.
وتم في هذا السياق إبراز أهمية المساواة بين الجنسين والتواصل السلمي كأدوات أساسية لبناء مجتمعات عادلة، مع التأكيد على ضرورة تجنب الأفكار النمطية والأحكام المسبقة في التعامل مع الآخر، مما يسهم في خلق بيئة تواصل آمنة ترتكز على احترام الآخر واختلافه، سواء في الثقافة أو الجنس أو وجهات النظر. وأشرف على تقديم هذه الورشة جمعية “كلام”.
مسيرة حاشدة…
كما شهد المخيم عشية الثلاثاء 5 جوان 2024، تزامنا مع اليوم العالمي للبيئة، تنظيم مسيرة جابت شوارع المدينة، انطلاقا من منطقة عين السلام وصولا إلى مقر الولاية، أين طالب المحتجون بتفعيل قرار تفكيك الوحدات الكيمائية التي تسببت في “جرائم” بيئية أضرت بالشأن البيئي لأكثر من خمسين عاما، مرددين هتافات مثل “فكك الوحدات”، “قابس الألم.. الزفت تخلط بالدم”، “نحب نعيش”…
يشار إلى أن فعاليات المخيم قد شهدت حضور عدد كبير من النشطاء البيئيين وممثلي الجمعيات البيئية وصحفيين من مختلف وسائل الإعلام، إلى جانب عدد من الباحثين والطلبة في مجال البيئة.
