سليديرمقالات

“بروسول إلاك الإقتصادي والإجتماعي”: خطوة وطنية لمستقبل أخضر

فتحية خذير – كوسموس ميديا – تونس

في خضم التّحديات الطاقية التي تواجهها تونس، أطلقت الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة بتونس،  بالتعاون مع شركائها الدوليين من الوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ) ، برنامج “بروسول إلاك الاقتصادي” كجزء من الاستراتيجية الوطنية للانتقال الطاقي و ذلك لتشجيع العائلات ذات الدخل المتوسط على تبني الإنتاج الذاتي للكهرباء عبر الطاقة الشمسية ، و دعم الإنتاج الذاتي للكهرباء من خلال أنظمة الطاقة الشمسية الفولطوضوئية المرتبطة بشبكة الجهد المنخفض.

“صورة مقتطفة من فعاليات النسخة الثالثة لمبادرة “الصحفيين سفراء الانتقال الطاقي الاستراتيجية الوطنية للانتقال الطاقي

تفاصيل التمويل والإجراءات والآثار

يأتي هذا البرنامج استكمالًا لبرنامج “بروسول إلاك” الذي أُطلق في سنة 2010 واستهدف الفئات التي يزداد استهلاكها السنوي عن 1800 كيلوواط/ساعة، ويشمل حوالي 1.5 مليون عائلة، ما ساهم في خلق نسيج مؤسساتي هام في مجال الطاقات المتجددة. وبالمثل، تم ايضا إعداد برنامج “بروسول إلاك الاجتماعي” الموجه للفئات الهشة التي تقل استهلاكها السنوي عن 1200 كيلوواط/ساعة ويشمل حوالي 1.2 مليون عائلة، مع استهداف شامل لمختلف شرائح المجتمع دون استثناء.

يعتمد برنامج “بروسول إلاك الاقتصادي” على منظومة تمويلية محكمة، حيث تُمنح منحة بقيمة 1500 دينار تونسي لكل محطة شمسية، إلى جانب قرض بنكي بفائدة مخففة تصل إلى 3% لمساعدة العائلات على التهيئة المالية لتركيب هذه الأنظمة.  تتراوح قيمة القرض بين 2000 دينار للعائلات التي يتراوح استهلاكها بين 1200 و1599 كيلوواط/ساعة، وتبلغ قدرة المحطة بين 600 و999 كيلووات/كرات، و3000 دينار للعائلات التي يترواح إستهلاكها بين 1600 و1800 كيلوواط/ساعة، وتكون قدرة المحطة بين 1000 و1200 كيلووات/كرات. يتم سداد القرض مع المنحة عبر اقتطاع تدريجي على فاتورة استهلاك الكهرباء والغاز لمدة تصل إلى 10 سنوات.

“صورة مقتطفة من فعاليات النسخة الثالثة لمبادرة “الصحفيين سفراء الانتقال الطاقي

يستهدف برنامج  “بروسول إلاك الاقتصادي” تمويل حوالي 67 ألف عائلة في المرحلة الأولى من 2022 إلى 2026، ويُتوقع خلق 1061 فرصة عمل مباشرة على الأقل خلال هذه الفترة، في حين يغطي البرنامج ما يقارب 750 ألف عائلة معنية بهذا النوع من الدعم. وتصل القيمة الإجمالية للمرحلة النموذجية للبرنامج إلى حوالي 200 مليون دينار.

يمكن للمواطنين الراغبين في الانتفاع بالبرنامج التواصل مع شركات تركيز الطاقة الشمسية المعتمدة من الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة والتي تتواجد في كامل تراب الجمهورية، إذ تتولى هذه الشركات بعدها كافة الإجراءات التقنية والإدارية والمالية بالتنسيق مع الشركة التونسية للكهرباء والغاز والوكالة الوطنية. ويقوم بعد الانتهاء من التركيب استبدال عداد الكهرباء التقليدي بعداد ذكي يمكن عبره الاحتساب الدقيق للطاقة المنتجة والمستهلكة، مما يمكن العائلات من تحقيق توفيرات ملموسة في فاتورة الكهرباء وصلت في حالات عديدة إلى صفر مليم.

” فاتورة كهرباء أحد المواطنين ،بمنطقة نفزة باجة ، المستفيدين من برنامج “بروسول إلاك الاقتصادي”

يمثل برنامج “بروسول إلاك الاقتصادي” خطوة استراتيجية في إطار جهود الدولة للسيطرة على تكلفة الطاقة، والتوسع في استخدام الطاقات المتجددة، والحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري، بالتزامن مع طموحات تونس في بلوغ نسبة 35% من احتياجات الطاقة من مصادر متجددة بحلول عام 2030 ومشاريع إزاحة الكربون بحلول 2050.  و لبلوغ هذا البرنامج يتعين انجاز حوالي 500 ميغاواط سنويا على امتداد ال8 سنوات القادمة باستثمار يفوق مليار دينار سنويا

يمهد هذا البرنامج الطريق نحو مستقبل طاقي أنظف وأكثر استدامة للعائلات التونسية، ويدعم النمو الاقتصادي من خلال خلق فرص عمل وتنشيط قطاع الطاقات المتجددة.

الدورة الثالثة من مبادرة أيام الصحفيين سفراء الطاقة

“برنامج بروسول إلاك الاجتماعي: تمكين الفئات الهشة من الطاقة الشمسية

في إطار سعي الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة إلى توسيع نطاق الاستفادة من برامج دعم الطاقات المتجددة وتعميم النهوض بالمباني الشمسية لتشمل شتى شرائح المجتمع، أطلقت مؤخرًا برنامج “بروسول إلاك الاجتماعي” كتكملة لبرنامج “بروسول إلاك”. يستهدف هذا البرنامج العائلات ذات الاستهلاك السنوي للكهرباء الذي لا يتجاوز 1200 كيلوواط/ساعة، والتي تُعتبر من الفئات الهشة والمهمشة نسبيًا من حيث القدرة على الاستثمار في أنظمة الطاقة الشمسية.

انطلقت الوكالة منذ سنة 2021 في انجاز عملية نموذجية بولاية توزر تتمثل في تركيز 4 الاف وحدة شمسية فولطوضوئية تسبق مرحلة تعميم المشروع .

يُعد “بروسول إلاك الاجتماعي” برنامجا وطنيا بكلفة جملية تساوي 1719 مليون دينار ،  يهدف هذا المشروع  إلى تمكين ما يقارب 1.2 مليون عائلة تونسية من تحقيق الاستقلال الطاقي والحد من تكلفة استهلاك الكهرباء عبر الاعتماد على الطاقة الشمسية الفولطوضوئية المرتبطة بشبكة الجهد المنخفض.

يأتي إطلاق هذا البرنامج مكملاً لبرنامج “بروسول إلاك الاقتصادي” وهو جزء من استراتيجية متكاملة تدعمها الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة بالتعاون مع شركائها الدوليين .

صورة مقتطفة من الدورة الثالثة لمبادرة “الصحفيين سفراء الانتقال الطاقي”

تُرافق هذه البرامج حملات تحسيسية مكثفة في جميع مناطق البلاد، تعمل على توعية المواطنين بفوائد الطاقة المتجددة وتقنيات إنتاج الكهرباء الذاتي، مع توفير دعم مستمر من خلال خلايا استماع إلكترونية عبر تطبيقات التواصل لضمان سهولة التواصل والتوجيه للمنتفعين.

يشكل برنامج “بروسول إلاك الاقتصادي و الاجتماعي ” خطوة نوعية نحو شمولية الدعم الطاقي وتمكين الأسر الأقل قدرة من الاستفادة من تقنيات الطاقة النظيفة، مع تقليص الأعباء المالية المترتبة على استهلاك الكهرباء، وخدمة الأهداف الوطنية الطموحة للتحول الطاقي والاستدامة البيئية، ولعب دور فعّال في الحد من الأثر البيئي وتطوير النسيج الاقتصادي والاجتماعي في تونس.

أهم أهذاف الانتقال الطاقي 2030 يقدمها ممثل الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة

مبادرات تعزز الوعي ودور الإعلام

بالتوازي مع هذا البرنامج، أطلقت الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة مبادرة “الصحفيين سفراء الانتقال الطاقي” التي تركز على رفع كفاءة الإعلاميين في نقل معلومات دقيقة حول التحول الطاقي والاستدامة البيئية. 

نُظمت النسخة الثالثة من هذه المبادرة يومي 3 و4 أكتوبر 2025 في العاصمة تونس، بالتعاون مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولي  (GIZ)  شارك في الدورة 20 صحفيًا من مختلف وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية والمسموعة و كان من بينهم كوسموس ميديا ، حيث قدم خبراء الوكالة برنامج “بروسول إلاك الاقتصادي” كجزء أساسي من استراتيجية الطاقات المتجددة، مستعرضين تفاصيله ومميزاته، مع فتح حوار معمق مع الصحفيين حول دورهم في تعزيز الوعي العام وتحسيس المواطنين بفوائد البرنامج الاقتصادية والبيئية.

برنامج “بروسول إلاك الاقتصادي” بالتعاون مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولي GIZ

في اليوم الثاني من الدورة، توجه المشاركون إلى معتمدية نفزة بولاية باجة في زيارة ميدانية استهدفت عددا من العائلات المستفيدة من برنامج “بروسول إلاك الاقتصادي”. وقد كان الهدف من هذه الزيارة الاطلاع المباشر على تفاصيل البرنامج ومدى نجاعة تطبيقه على أرض الواقع، إلى جانب معاينة الأثر الإيجابي  في تخفيض فاتورة استهلاك الكهرباء لتصل في بعض الحالات إلى صفر مليم.

هذه المبادرة التكوينية الميدانية لم تكن مجرد تدريب إعلامي، بل جسدت حلقة وصل فعالة بين وسائل الإعلام والواقع البيئي الطاقي، و ساعدت الصحفيين على نقل صورة حقيقية ومباشرة لتطورات البرامج الوطنية ودورها الحيوي في تحقيق اقتصاد مستدام وبيئة أنظف.

“حوالي 20 صحفي يحضرون النسخة الثالثة لمبادرة “الصحفيين سفراء الانتقال الطاقي

يشكل برنامج “بروسول إلاك ” بمختلف مراحله و اجزائه ركيزة حاسمة في المسعى الوطني لتونس نحو الاستدامة الطاقية والبيئية. من خلال تشجيع الاعتماد على الطاقة الشمسية وتخفيض الاعتماد على الوقود الأحفوري، يسهم هذا البرنامج بشكل مباشر في خفض انبعاثات الغازات الدفيئة وتحقيق أهداف تونس الوطنية بحلول عام 2030 لزيادة نسبة الطاقة المتجددة في المزيج الطاقي إلى 35%.

لا توفر هذه المبادرات فقط حلولًا اقتصادية للعائلات التونسية، بل انها تعزز أيضًا حماية البيئة وتقوية النسيج الاجتماعي والاقتصادي من خلال خلق فرص عمل جديدة. كما تنسجم مع أهداف التنمية المستدامة، التي تسعى إلى تحقيق طاقة نظيفة وبأسعار معقولة تقود تونس إلى مستقبل بيئي صحي واقتصاد مستدام قادر على مواجهة تحديات المناخ.

زر الذهاب إلى الأعلى