سليديرمقالات

“جريمة بيئية” أم تهذيب و تغليب لمصلحة المواطنين في قرية مسجد عيسى من ولاية المنستير

مبروكة خذير / كوسموس ميديا

تصاعدت النداءات عبر وسائل التواصل الاجتماعي خلال الأيام الأخيرة في إطار انقاذ عشرات الأشجار المعمرة في قرية مسجد عيسى من ولاية المنستير حيث تعيش المنطقة حراكا كبيرا و تشنّجا بسبب تهديدات بقطع عشرات الاشجار المغروسة في المنطقة  منذ الستينيات.

و  يعتبر المواطنون في قرية مسجد عيسى  ان عشرات الأشجار من الكالتوس التي كانت تظلّل مساحات من الطريق تتعرض اليوم لإبادة حقيقية بعد ان تم اتخاذ قرار بقطعها بموجب قرار الإدارة الجهوية للتجهيز  و الاسكان بالمنستير رقم 96/2024 المسجل بتاريخ 04/10/2024.

وينص القرار على انه سيتم قطع حوالي 395 شجرة بارتفاع 3 أمتار.   و يؤكّد  أهالي الجهة ان هذه الأشجار المستهدفة بما أسمونه “جريمة قانونية”  تم زراعتها خلال فترة الستينات من القرن الماضي.

القيمة البيئية و المعنوية لأشجار قرية مسجد عيسى

عبر مرور الزمن ترعرعت أشجار  قرية مسجد عيسى من ولاية المنستير و أصبحت غابة غناء بظلها الوافر الذي يلجأ اليه عمال المصانع بالجهة و العابرون من الطريق بل ان بعض السياح و منظمي الرحلات الذين يتخذون من المكان محطة للراحة و الاستجمام. 

يقول  “وائل قرناوي” و هو ناشط في المجتمع المدني و أصيل الجهة في تصريح له “لكوسكوس ميديا”: “نحن نستغرب اليوم من قرارات القطع و نطالب بتوضيحات لإستهداف مكان آمن و نقي يقينا من الحر و يوفّر جودة الاستجمام لآلاف السكان و العابرين  ، هذا بالإضافة إلى طابعها البيئي و الجمالي علاوة على ان هذه الأشجار تعتبر مصدر دخل للعديد من المزارعين الصغار والمواطنين المنتجين للعسل ، كما توفر الظل لآلاف العمال الذين يعملون بالقرب منها، وسائقي الشاحنات الذين يتوقفون للراحة تحت ظلها.”

قطع اشجار قرية مسجد عيسى جريمة بيئية بإمتياز

قال وائل “قرناوي” خلال حديثه مع كوسموس ميديا ، و هو يدافع دفاعا مستميتا  عن غابات الكالتوس في قرية مسجد عيسى رافضا قطعا المساس بها ،  “نحن لا نصدق الأسباب التي قدّمتها السلط الجهوية لقطع الأشجار لأن هذه المساحات زرعها أجدادنا و نحن مطالبون بحمايتها و عدم المساس بها ” و اضاف وائل قائلا “إن قطعها اليوم يعتبر مساس بخصوصية المكان و ضرب صارخ لقيمة معنوية و تاريخية تربطنا لهذا المكان. و اضاف وائل قرناوي ان هناك صفقة قيمتها 11 الف دينار لقطع هذه الاشجار مؤكّدا أن سكان الجهة سيتصدون لهذه القرارات الجائرة التي لا يقبلها أهالي الجهة و يرفضها الجميع”.

و أكّد الناشط بالمجتمع المدني ان هذه الأشجار المعمرة يتطلب إعادة نموها عشرات السنين في وقت نحتاج فيه لكل شجرة في ظل التغيرات المناخية التي تعيش على وقعها البلاد . و أعرب وائل قرناوي عن استنكاره  لقرارات تمسّ من موروثنا الغابي دون استشارة او تشريك لاهالي الجهة من المستفيدين من هذه المساحات الغابية التي غيرت وجه المدينة و مثلت سياجا و ملاذا للاهالي.”

و أضاف قرناوي ان غابات الكالتوس التي تمثّل رئة قرية مسجد عيسى  تتعرض اليوم  “لجريمة إبادة  بعد قرار وزارة التجهيز و الإسكان قطعها”

و أكد وائل  قرناوي في حديثه لكوسموس ميديا ان هذه الأشجار تمثل قيمة معنوية و بيئية كبيرة  و انها باختصار ملجأ للجميع و ان قرار اقتلاهعا هو جريمة بيئية بامتياز و ان تقليمها في حد ذاته يمكن ان يمس من قيمتها لأنها توفر الخضرة والظل للسائقين الذين يحتاجون إلى الراحة.

يذكر هنا ان قرية مسجد عيسى من ولاية المنستير، والمعروفة أكثر بثكنتها العسكرية تحتوي على عدد من أشجار الكلتوس التي تشكّل سياجا على جانبي الطريق القديم الذي يربط تقاطع مسجد عيسى-سهلين ومسجد القرية.  إضافة الى ظلّها تساهم هذه الأشجار في إضفاء صبغة جمالية  على هذه القرية التي تفتقر إلى العديد من المرافق  و مع مرور الوقت، أصبحت هذه الطريق مسارًا صحيًا للسكان ومكانًا للالتقاء لاستنشاق الهواء النقي خاصة خلال أيام الصيف الحارة .

دائرة الغابات بالمنستير تجذيب الأشجار في قرية مسجد عيسى اجراء روتيني هدفه سلامة المواطنين

في حديث خاص مع كوسموس ميديا  مع “يامن الحقي”، المهندس الرئيسي و رئيس دائرة الغابات بالمنستير، أوضح أن عملية تجذيب الأشجار تعد إجراءً روتينياً يهدف إلى المصلحة العامة للمواطنين. وأكد أن ما يحدث في قرية مسجد عيسى من ولاية المنستير يتعلق بتجذيب وتهذيب للطريق، وليس بقطع الأشجار بشكل كامل. 

و اضاف رئيس دائرة الغابات بالمنستير ان خلفية قرار التجذيب تعود إلى طلب ورد من معتمدية المنستير يتضمن ضرورة تجذيب الأشجار الواقعة في منطقة مسجد عيسى، وهي أشجار تابعة لوزارة التجهيز و أنه بعد إجراء الدراسات اللازمة، منحت الإدارة العامة للغابات رخصة التجذيب، حيث بلغت أشجار الكالتوس مستوى عالٍ يهدد سلامة المواطنين بسبب قرب جذوعها من أعمدة الكهرباء ذات الضغط العالي.

وفي سياق متصل، أكد “يامن الحقي” لمنصة كوسموس ميديا أن دراسة قادها فريق من الفنيين والمهندسين أسفرت عن اتخاذ قرار بتجذيب الأشجار على طول ثلاثة أمتار لتحسين حالة الطريق ومنح الفرصة لتجدد أشجار الكالاتوس. كما تم التنسيق مع الشركة التونسية للكهرباء والغاز لقطع التيار الكهربائي خلال عملية التجذيب والتقليم، وهي عملية ضرورية لضمان سلامة المواطنين ومنع حدوث حوادث.

و اختتم “يامن الحقي” بالقول إن إدارة الغابات تدرك حرص أهالي المنطقة على الحفاظ على الأشجار في قرية مسجد عيسى، لكنها ملتزمة أيضاً بأداء واجبها في التجذيب والتقليم لحماية المصلحة العامة وتحسين جمالية المكان.

زر الذهاب إلى الأعلى