سليديرمقالات

الحشرة القرمزية تدق ناقوس الخطر وتهدد ثروة التين الشوكي في تونس

لطفي فارحي – كوسموس ميديا

في إطار إصداراته السنوية حول الوضع البيئي في تونس، نشر قسم العدالة البيئية والمناخية للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية تقريره السنوي بعنوان “حقوق بيئية، تغيرات مناخية، عدالة بيئية واجتماعية”.

ومن بين الملفات البيئية التي تناولها التقرير أهمية أشجار التين الشوكي وثمارها اقتصاديا وبيئيا وما تمثله آفة الحشرة القرمزية من تهديد لهذه الثروة النباتية، مقابل مجهودات الدولة وتوصيات الخبراء.

ثروة اقتصادية وبيئية

قال المنتدى في تقريره إن التغيرات المناخية لم تؤدّ فقط الى تراجع كميات التساقطات وارتفاع درجات الحرارة وإنما أدت أيضا إلى ظهور أمراض وآفات خطرة تفتك بالثروة النباتية مثل آفة الحشرة القرمزية التي تهدد التين الشوكي والذي يعتبر ثروة طبيعية إضافة الى مردوديته الاقتصادية والبيئية.

وتقدر مساحات التين الشوكي في تونس بحوالي 600 ألف هكتار، ويمثل من الناحية الاقتصادية والاجتماعية مصدر رزق لعدد كبير من العائلات التونسية محدودة الدخل والتي تعمل على جمع وبيع ثمار التين الشوكي لتوفير حاجياتهم الأساسية، إضافة إلى أنه يمثل غذاء للمواشي وبديلا للأعلاف المركبة.

أما من الناحية البيئية وبحسب تقرير المنتدى، فإن التين الشوكي له قدرة عالية على تحمل جميع الظروف والتغيرات المناخية، كما أنه يتأقلم مع جميع أنواع التربة، إضافة إلى أنه من أقل النباتات استهلاكا للماء.

سرطان التين الشوكي؟!

تعتبر الحشرة القرمزية آفة مستحدثة في تونس حيث تم التفطن لها لأول مرة في شهر أوت سنة 2021، وقد عرف المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية الحشرة القرمزية على أنها قشرية رخوة على شكل بيضوي.

وتظهر الحشرات القرمزية على نبات الصبار على شكل كومات بيضاء تشبه القطن، هذه الكومات البيضاء تقوم الأنثى بإفرازها لتحميها وتمكنها من التنقل من لوح إلى لوح، وتتغذى أنثى الحشرة على ألواح التين الشوكي فتقوم بامتصاص عصارة النبتة فتظهر على الألواح مناطق مصفرة تتسع شيئا فشيئا، لتؤدي في النهاية إلى سقوط اللوح المصاب وموت الجذع في حالة شدة الإصابة، بحسب ما جاء في تقرير المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

وأضاف التقرير أن ولاية القيروان تمتلك مساحة 24 الف هكتار من التين الشوكي، وبحسب مصلحة الصحة النباتية بالمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بولاية القيروان تم اقتلاع وردم ما يقارب حوالي 18.6 ألف كلم، 80 بالمائة منها في معتمدية القيروان الجنوبية، كما قامت المندوبية بمداواة ما يقارب 256 كلم أي البؤرة وأحوازها.

دور الدولة؟

اعتبر المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في تقريره أن أهم أسباب انتشار آفة الحشرة القرمزية هو عدم التدخل المبكر من قبل مصالح وزارة الفلاحة لحصر ومكافحة انتشارها بالرغم من التحذيرات التي أطلقها الخبراء، إضافة إلى ضعف ومحدودية الاستراتيجبات التي تتبعها الدولة لمكافحة الحشرة القرمزية.

وأضاف أن “دور وزارة الإشراف أصبح يقتصر في الآونة الأخيرة على على إصدار بيانات لطمأنه الفلاحين والمواطنين بأن هذه الآفة لا تصيب الإنسان والنباتات الأخرى وإنما تؤذي فقط التين الشوكي، متناسيا أهمية هذا القطاع خاصة لدى العائلات ذات الدخل المحدود في المناطق المهمشة”.

وفي تصريح سابق لكوسموس ميديا كان المكلف بالإدارة العامة للصحة النباتية ومراقبة المدخلات الفلاحية محمد رابح الحجلاوي، قد أكد أن الإدارة العامة للصحة النباتية تعمل بالتعاون مع المندوبيات الفلاحية لتطبيق خطة تدخل لمقاومة هذه الحشرة، مستخدمة وسائل مختلفة على غرار الوسائل الكيميائية وحرق الكفوف المصابة من غراسات التين الشوكي أو كذلك وسيلة الردم، مستدركا أن سرعة انتشارها في ظروف مناخية ملائمة مثل ارتفاع درجة الحرارة، تساهم في صعوبة التدخل.

وأضاف محدثنا بالقول إن الوزارة في طور البحث عن حلول جديدة لمكافحة هذه الحشرة خاصة بمناطق الإنتاج (بوعرقوب، القصرين، الوطن القبلي)، سواء باعتماد الوسائل الكيميائية أو الحشرة المضادة (الدعسوقة) والتي سيتم إكثارها بدعم من منظمة الأغذية والزراعة، إذ تعتبر تجربة ناجحة للقضاء على الحشرة القرمزية إذ تم اعتمادها بالمغرب والمكسيك.

خبراء يحذرون ويقدمون الحلول…

حذّر المختصون والخبراء الفلاحيون في عديد المناسبات من آفة الحشرة القرمزية التي تجتاح يوما بعد يوم مساحات مهمة من أشجار التين الشوكي في تونس، ودعوا إلى ضرورة التصدي لهذا المرض لما له من تداعيات كبرى على هذه الثروة النباتية، وفق ما ورد في تقرير المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

ونقل التقرير توصيات عن المختص في الفلاحة والتنمية الريفية الدكتور نور الدين نصر، دعا فيها إلى تقليم وتنظيم التين الشوكي لتسهيل عملية المراقبة والكشف المبكر عن الإصابة وتسهيل التدخل والمداواة بأقل كلفة وأكثر نجاعة، إضافة إلى ضرورة العمل على تكوين الفلاحين والمستثمرين في هذا المجال حول طرق المقاومة المتكاملة وخاصة الوقاية.

ومن بين الحلول التي قام بطرحها، دعا الدكتور نور الدين نصر وزارة الفلاحة إلى تكوين لجان وطنية وجهوية تسند لها مهمة وضع برنامج لمجابهة آفة الحشرة القرمزية، كما دعا إلى الاعلان الرسمي على وجود الحشرة القرمزية ، للانتفاع بالدعم الأممي وخاصّة برامج الطوارئ لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة الفاو (FAO )، إضافة إلى تطبيق ما يسمى بـ “الحجر الزراعي” بكل صرامة للحد من انتشار هذه الآفة.

خلص التقرير فيما يتعلق بالحشرة القرمزية وتأثيراتها على قطاع التين الشوكي في تونس إلى أن الوضع الحالي يستوجب تدخل وتظافر جهود جميع الأطراف لإنقاذ ما يمكن إنقاذه والحد من الخسائر الناجمة عن انتشار الحشرة القرمزية بسبب التغيرات المناخية والتي زاد حدتها بطء وعدم نجاعة التدخلات لتطويقها، حيث أن حماية هذا القطاع هو حماية لمصدر رزق الفئات الهشة وخاصة النساء ومربيي الماشية الصغار الذين يعيشون في المناطق المهمشة اين تغيب العدالة الاجتماعية والبيئية.

زر الذهاب إلى الأعلى